قول الله تعالى له ذلك لم يكن بواسطة وهو منصب عال إذا كان على سبيل الإعظام والإجلال دون الإهانة والإذلال كما لا يخفى .
قال استئناف على نحو ما تقدم لم أكن لأسجد اللام لتأكيد النفي أي ينافي حالي ولا يستقيم مني أن أسجد لبشر جسماني كثيف خلقته من صلصال من حمإ مسنون .
33 .
- إشارة إجمالية إلى إدعاء خيريته وشرف مادته وقد نقل عنه لعنه الله تعالى التصريح بذلك في آية أخرى وقد عنى اللعين بهذا الوصف بيان مزيد خسة أصل من لم يسجد له وحاشاه وقد اكتفى في غير موضع بحكاية بعض ما زعمه موجبا للخسة وفي عدوله عن تطبيق جوابه على السؤال روم للتفصي عن المناقشة وأنى له ذلك كأنه قيل : لم أمتنع عن الإنتظام في سلك الساجدين بل عما لا يليق بشأني من السجود للمفضول وقد أخطأ اللعين حيث ظن أن الفضل كله باعتبار المادة وما درى أنه يكون باعتبار الفاعل وباعتبار الصورة وباعتبار الغاية بل أن ملاك الفضل والكمال هو التخلي عن الملكات الردية والتحلي بالمعارف الربانية : فشمال والكأس فيها يمين ويمين لا كأس فيها شمال ولله تعالى در من قال : كمن ابن من شئت واكتسب أدبا يغنيك مضمونه عن النسب إن الفتى من يقول ها أنا ذا ليس الفتى من يقول كان أبي على أن فيما زعمه من فضل النار على التراب منعا ظاهرا وقد تقدم الكلام في ذلك .
قال استئناف كما تقدم أيضا فأخرج منها قيل : الظاهر أن الضمير للسماء وإن لم يجر لها ذكر وأيد بظاهر قوله تعالى : فاهبط منها وقيل لزمرة من الملائكة عليهم السلام ويلزم خروجه من السماء إذ كونه بإنزوائه عنهم في جانب لا يعد خروجا في المتبارد وكفى به قرينة وقيل : للجنة لقوله تعالى : اسكن أنت وزوجك الجنة ولوقوع الوسوسة فيها ورد بأن وقوعها كان بعد الأمر بالخروج فإنك رجيم .
34 .
- مطرود من كل خير وكرامة فإن من يطرد يرجم بالحجارة فالكلام من باب الكناية وقيل : أي شيطان يرجم بالشهب وهو وعيد بالرجم بها وقد تضمن هذا الكلام الجواب عن شبهته حيث تضمن سوء حاله فكأنه قيل : إن المانع لك عن السجود شقاوتك وسوء خاتمتك وبعدك عن الخير لأشرف عنصرك الذي تزعمه وقيل : تضمنه ذلك لأنه علم منه أن الشرف بتشريف الله تعالى وتكريمه فبطل ما زعمه من رجحانه إذ أبعده الله تعالى وأهانه وقرب آدم E وكرمه وقيل : تضمنه للجواب بالسكوت كما قيل : جواب ما لا يرضى السكوت وفي تفسير الرجيم بالمرجوم بالشهب إشارة لطيفة إلى أن اللعين لما افتخر بالنار عذب بها في الدنيا فهو .
كعابد النار يهواها وتحرقه .
وإن عليك اللعنة الإبعاد على سبيل السخط وذلك من الله تعالى في الآخرة عقوبة وفي الدنيا انقطاع من قبول فيضه تعالى وتوفيقه سبحانه ومن الإنسان دعاء بذلك والظاهر أن المراد لعنة الله تعالى لقوله سبحانه : وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين .
35 .
- إلى يوم الجزاء وفيه إشعار بتأخير جزائه إليه وإن اللعنة مع كمال فظاعتها ليست جزاء لفعله وإنما يتحقق ذلك يومئذ وفيه من التهويل ما فيه وجعل ذلك غاية أمد اللعنة قيل ليس لأنه تنقطع هنالك بل لأنه عند ذلك يعذب بما ينسى به اللعنة من أفانين العذاب فتصير هي كالزائل وقيل : إنما غيا بذلك لأنه أبعد