في الفصيح ففي القرآن عدة آيات من ذلك وفي الصحيح فله سلبه أجمع فصلوا جلوا أجمعون ولعل منشأ الزعم وجوب تقديم وكل عند الإجتماع ويرده أن النفس يجب تقديمها على العين إذا اجتمعا مع جواز التأكيد بالعين على الإنفراد وما ذكروه من وجوب تقديم كل إنما بناء على ما علمت من الحق لرعاية البساطة والتركيب هذا ثم أنه قد تقدم الكلام في تحقيق أن سجودهم هذا هل هو ترتب على ما حكى من الأمر التعليقي كما يقتضيه هذه الآية الكريمة أو على الأمر التنجيزي كما يستدعيه بعض الآيات فتذكر .
إلا إبليس استثناء متصل ما لأنه كان جنبا مفردا مغمورا بألوف من الملائكة فعد منهم تغليبا وإما لأن من الملائكة جنسا يتوالدون يقال لهم جن وهو منهم وإما لأنه ملك لا جني وقوله تعالى : كان من الجن مؤول كما ستعلمه إن شاء الله تعالى وقوله سبحانه : أبى أن يكون من الساجدين .
31 .
- استئناف مبين لكيفية عدم السجود المفهوم من الإستثناء بناء على أنه من الإثبات نفي ومن النفي إثبات وهو الذي تميل إليه النفس فإن مطلق عدم السجود قد يكون مع التردد وبه علم أنه مع الإباء والإستكبار وجوز أن يكون الإستثناء منقطعا فجملة أبى الخ متصلة بما قبلها ووجه ذلك بأن إلا بمعنى لكن وإبليس اسمها والجملة خبرها كذا قيل : وفي الهمع أن البصريين يقدرون المنقطع بلكن المشددة ويقولون : إنما يقدر بذلك لأنه في حكم جملة منفصلة عن الأولى فقولك : ما في الدار أحد إلا حمارا في تقدير لكن فيها حمارا على أنه استدراك يخالف ما بعد لكن فيها ما قبلها غير أنهم اتسعوا فأجروا إلا مجرى لكن لكن لما كانت لا يقع بعدها إلا المفرد بخلاف لكن فإنه لا يقع بعدها إلا كلام تام لقبوه بالإستثناء تشبيها بها إذا كانت استثناء حقيقة وتفريقا بينها وبين لكن والكوفيون يقدرونه بسوى وقال قوم منهم ابن يسعون : إلا مع الإسم الواقع بعدها في المنقطع يكون كلاما مستأنفا وقال في قوله : وما بالربع من أحد .
إلا الأواري إلا فيه بمعنى لكن والأواري اسم لها منصوب بها والخبر محذوف كأنه قال : لكن الأواري بالربع وحذف خبر إلا كما حذف خبر لكن في قوله .
ولكن زنجيا عظيم المشافر .
أه .
والظاهر منه أن البصريين وإن قدروه بلكن لا يعربونه هذا الإعراب فهو تقدير معنى لا تقدير إعراب ولعل التوجيه السابق مبني على مذهب ابن يسعون إلا أنه لم يصرح فيه بورود الخبر مصرحا به نعم صرح بعضهم بذلك وسيأتي إن شاء الله تعالى تتمة لهذا المبحث في هذه السورة فافهم ووجه الإنقطاع ظاهر لأن المشهور أنه ليس من جنس الملائكة عليهم السلام والإنقطاع على ما قال غير واحد يتحقق بعدم دخوله في المستثنى منه أوفى حكمه وما قيل : إنه حينئذ لا يكون مأمورا بالسجود فلا يلزم والإعتذار عنه بأن الجن كانوا مأمورين أيضا واستغنى بذكر الملائكة عليهم السلام عنهم وأنه معنى الإنقطاع وتوجه اللوم من ضيق الطعن .
قال استئناف مبني على سؤال من قال : فماذا قال الرب تعالى عند إبائه فقيل قال سبحانه : يا إبليس ما لك أي أي سبب لك كما يقتضيه الجواب وقوله تعالى : ما منعك ألا تكون أي في أن لا تكون مع الساجدين .
32 .
- لما خلقت مع أنهم هم ومنزلتهم في الشرف منزلتهم وكأن في صيغة الإستقبال إيماء إلى مزيد قبح حاله ولعل التوبيخ ليس لمجرد تخلفه عن أولئك الكرام بل لأمور حكيت متفرقة أشعارا بأن كلا منها كاف في التوبيخ وإظهار بطلان ما ارتكبه وشناعته وقد تركت حكاية التوبيخ رأسا في غير سورة اكتفاء بحكايتها في موضع آخر والظاهر أن