المسافر في البحر فإن الغالب على المسافرين فيه الفوز بالمقصود ثم قال : فالأقرب في الجواب أن تقول : هذه الواقعة إنما تتفق في الندوة فلعلها لا تشتهر بسبب كونها نادرة فيما بين الشياطين أه .
وأنت تعلم أن هذا لا يكاد يتم إلا مع القول بأنه ليس كل ما نراه من الشهب يحرق به الشياطين والأمر مع هذا القول سهل كما لا يخفى .
وذكر البيضاوي أن استراق السمع خطفتهم اليسيرة من قطان السماوات لما بينهم من المناسبة في الجوهر أو بالإستدلال من أوضاع الكواكب وحركاتها وذكر عند قوله تعالى : إنهم عن السمع لمعزولون أن السمع مشروط بمشاركتهم في صفات الذات وقبول فيضان الحق والانتقاش بالصورة الملكوتية ونفوسهم خبيثة ظلمانية شريرة بالذات لا تقبل ذلك ولا يخفى ما فيه فإنه ظاهر في أن الاستراق يقتضي مناسبة الجوهر والسمع التام يقتضي المشاركة المذكورة وهو لا يتمشى على أصول الشرع وفي أن تلقيهم يكون من الأوضاع الفلكية وهو مخالف لصريح النظم والأحاديث مع أنه يقتضي أن يكون قطان السماء بمعنى الكواكب وشمول من شياطين الإنس من المنجمين وهو كما ترى .
وذكر هو وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن الشياطين كانوا لا يحجبون عن السماوات فلما ولد عيسى عليه السلام منعوا من ثلاث سماوات ولما ولد النبي صلى الله عليه وسلّم منعوا من السماوات كلها أه .
ومن الناس من ذهب أخذا ببعض الظواهر إلى أن المنع عند البعثة والله تعالى أعلم بقي ههنا إشكال ذكره الإمام مع جوابه فقال : ولقائل أن يقول : إذا جوزتم في الجملة أن يصعد الشيطان إلى السماء ويسمع أخبار الغيوب من الملائكة عليهم السلام ثم يلقيها إلى الكهنة وجب أن يخرج الأخبار عن المغيبات عن كونه معجزا دالا على الصدق لأن كل غيب يخبر عنه الرسول E يقوم فيه هذا الإحتمال ولا يقال : إن الله تعالى أخبر أنهم عجزوا عن ذلك بعد مولده صلى الله تعالى عليه وسلم لأنا نقول : هذا المعجز لا يمكن إثباته إلا بعد القطع بكونه E رسولا ويكون القرآن حقا والقطع بهذا لا يمكن إلا بواسطة المعجز وكون الأخبار عن الغيوب معجزا لا يثيب إلا بعد إبطال هذا الإحتمال وحينئذ يلزم الدور وهو محال ويمكن أن يجاب عنه بأنا نثبت كونه صلى الله تعالى عليه وسلم رسولا بسائر المعجزات ثم بعد العلم بثبوت ذلك نقطع بأن الله تعالى أعجز الشياطين عن تلقف الغيب بهذا الطريق وعند ذلك يصير الإخبار عن الغيوب معجزا ولا يلزم الدور أه فتدبر والله سبحانه ولي التوفيق وبيده أزمة التحقيق .
والأرض مددناها بسطناها قال الحسن : أخذ الله تعالى طينة فقال لها : انبسطي فانبسطت وعن قتادة أنه قال : ذكر لنا أن أم القرى ومنها دحيت الأرض وبسطت وعن ابن عباس أنه قال : بسطناها على وجه الماء : وقيل يحتمل أن يكون المراد جعلناها ممتدة في الجهات الثلاث الطول والعرض والعمق والظاهر أن المراد بسطها وتوسعتها ليحصل بها الانتفاع لمن حلها ولا يلزم من ذلك نفي كرويتها لما أن الكرة العظيمة لعظمها ترى كالسطح المستوي ونصب الأرض على الحذف على شريطة التفسير وهو في مثل ذلك أرجح من الرفع على الابتداء للعطف على الجملة الفعلية أعني قوله تعالى : ولقد جعلنا الخ وليوافق ما بعده أعني قوله سبحانه : وألقينا فيها رواسي أي جبالا ثوابت جمع راسية جمع رأس على ما قيل وقد بين حكمة إلقاء ذلك فيها في قوله سبحانه : وألقى في