به وكذا باعتبار اللطف والإحسان يقتضي أن يكون سلكه في قلوبهم إنعاما عليهم فأي إنعام عليهم بما يقتضي الغضب فلا وجه لما ذكر وأنت تعلم أنه إذا كان المراد سلك ذلك وتمكينه في قلوبهم مكذبا به غير مقبول فكون الإسناد باعتبار القهر والغلبة مما لا ينبغي أن ينتطح فيه كبشان والأثر الظاهر القوي لذلك بقاؤهم على الكفر والإصرار على الضلال ولو جاءتهم كل آية ولا يخفى ما في كذلك مما يناسب نون العظمة أيضا وقد مر التنبيه عليه غير مرة .
وقد خلت مضت سنة طريقة الأولين .
13 .
- والمراد عادة الله تعالى فيهم على أن الإضافة لأدنى ملابسة لا على أن الإضافة بمعنى في والمراد بتلك العادة على تقدير أن يكون ضمير نسلكه للإستهزاء الخذلان وسلك الكفر في قلوبهم أي قد مضت عادته سبحانه وتعالى في الأولين ممن بعث إليهم الرسل عليهم السلام أن يخذلهم ويسلك الكفر والإستهزاء في قلوبهم وعلى تقدير أن يكون للذكر الإهلاك وعلى هذا قول الزمخشري أي مضت طريقتهم التي سنها الله تعالى في إهلاكهم حين كذبوا برسلهم والمنزل عليهم وذكر أنه وعيد لأهل مكة على تكذيبهم وإلى الأول ذهب الزجاج وادعى الإمام أنه الأليق بظاهر اللفظ وبين ذلك الطيبي قائلا : إن التعريف في المجرمين للعهد والمراد بهم المكذبون من قوم رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأنهم المذكورون بعد أي مثل ذلك السلك الذي سلكناه في قلوب أولئك المستهزئين المكذبين للرسل الماضين نسلكه في قلوب هؤلاء المجرمين فلك أسوة بالرسل الماضية مع أممهم المكذبة ولست بأوحدي في ذلك وقد خلت سنة الأولين والمقام يقتضي التقرير والتأكيد فيكون في هذا مزيد تسلية للرسول E والوعيد بعيد لأنه لم يسبق لإهلاك الأمم ذكر وإيثار ذلك لأنه أقرب إلى مذهب الإعتزال أه .
وفي غفلة عن مغزى الزمخشري وقد تفطن لذلك صاحب الكشف ولله تعالى رده حيث قال : أراد أن موقع قد خلت إلى آخره موقع الغاية في الشعراء أعني قوله تعالى هنالك : حتى يروا العذاب الأليم فإنهم لما شبهوا بهم قيل : لا يؤمنون وقد هلك من قبلهم ولم يؤمنوا فكذلك هؤلاء ومنه يظهر أن الكلام على هذا الوجه شديد الملاءمة وأما أن الوعيد بعيد لعدم سبق ذكر لإهلاك الأمم ففيه أن لفظ السنة مضافا إلى ما أضيف إليه ينبيء عن ذلك أشد الأنباء ثم إنه ليس المقصود منه الوعيد على ما قررناه وقد صرح أيضا بعض الأجلة أن الجملة استثنافية جيء بها تكملة للتسلية وتصريحا بالوعيد والتهديد ثم ما ذهب إليه الزمخشري من المراد بالسنة مروي عن قتادة فقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عنه أنه قال في الآية : قد خلت وقائع الله تعالى فيمن خلا من الأمم وعن ابن عباس أن المراد سنتهم في التكذيب ولعل الإضافة على هذا على ظاهرها .
ولو فتحنا عليهم أي على هؤلاء المقترحين المعاندين بابا من السماء ظاهره بابا ما لا بابا من أبوابها المعهودة كما قيل : فظلوا فيه أي في ذلك الباب يعرجون .
14 .
- يصعدون حسبما نيسره لهم فيرون ما فيها من الملائكة والعجائب طول نهارهم مستوضحين لما يرونه كما يفيده ظلوا لأنه يقال ظل يعمل كذا إذا فعله في النهار حيث يكون للشخص ظل وجوز في البحر كون ظل بمعنى صار وهو مع كونه خلاف الأصل مما لا داعي إليه وأياما كان فضمير الجمع للمقترحين وهو الظاهر المروي عن الحسن وإليه ذهب الجبائي وأبو مسلم وأخرج ابن جريج عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه للملائكة وروي ذلك عن قتادة أيضا