كما ذكر أبو عبيدة بمعنى واحد والضمير عند جمع ومنهم الحسن على ما ذكره الغزنوي للذكر في قلوب المجرمين .
12 .
- أي أهل مكة أو جنس المجرمين فيدخلون فيه دخولا أوليا ومعنى المثلثية كونه مقرونا بالاستهزاء غير مقبول لما تقتضيه الحكمة وحاصله أنه تعالى يلقى القرآن في قلوب المجرمين مستهزأ به غير مقبول لأنهم من أهل الخذلان ليس لهم استحقاق لقبول الحق كما ألقى سبحانه كتب الرسل عليهم السلام في قلوب شيعهم مستهزأ بها غير مقبولة لذلك وصيغة المضارع لكون المشبه به مقدما في الوجود وهو السلك الواقع في شيع الأولين .
لا يؤمنون به الضمير للذكر أيضا والجملة في موضع الحال من مفعول نسلكه أي غير مؤمن به وهي إما مقدرة وإما مقارنة على معنى أن الإلقاء وقع بعد الكفر من غير توقف فهما في زمان واحد عرفا ويجوز أن تكون بيانا للجملة السابقة فلا محل لها من الإعراب قال في الكشف : وهو الأوجه لأن في طريقة الإبهام والتفسير لا سيما في هذا المقام ما يجل موقع الكلام وفي إرشاد العقل السليم أنه قد جعل ضمير نسلكه للإستهزاء المفهوم من يستهزئون فتتعين البيانية إلا أن يجعل ضمير به له أيضا على أن الباء للملابسة أي يسلك الإستهزاء في قلوبهم حال كونهم غير مؤمنين بملابسة الإستهزاء وقد ذهب إلى جواز إرجاع الضميرين إلى الإستهزاء ابن عطية إلا أنه جعل الباء للسببية وكذا الفاضل الجلبي ولا يخفى أن يعد ذلك يغني عن رده وذهب البيضاوي إلى كون الضمير الأول للإستهزاء وضمير به للذكر وتفريق الضمائر المتعاقبة على الأشياء المختلفة إذا دل الدليل عليه ليس ببدع في القرآن وجوز على هذا كون الجملة حالا من المجرمين ولا يتعين كونها حالا من الضمير ليتعين رجوعه للذكر وذكر أن عوده على الإستهزاء لا ينافي كونها مفسرة بل يقويه إذ عدم الإيمان بالذكر أنسب بتمكن الإستهزاء في قلوبهم وجعل الآية دليلا على أنه تعالى يوجد الباطل في قلوبهم ففيها رد على المعتزلة في قولهم : إنه قبيح فلا يصدر منه سبحانه وكأنه C تعالى ظن أن ما فعله الزمخشري من جعل الضميرين للذكر كان رعاية لمذهبه ففعل ما فعل ولا يخفى أنه يصب المحز وغفل عن قولهم : الدليل إذا طرقه الإحتمال بطل به الإستدلال .
وفي الكشف بعد كلام إن رجع الضمير إلى الإستهزاء أو الكفر مع ما فيه من تنافر النظم لا ينكره أهل الإعتزال إلا كإنكار سلك الذكر بصفة التكذيب والتأويل وكأنهم غفلوا عما ذكره جار الله في الشعراء حيث أجاب عن سؤال إسناد سلك الذكر بتلك الصفة إلى نفسه جل وعلا بأن المراد تمكنه مكذبا في قلوبهم أشد التمكن كشيء جبلوا عليه ولخص المعنى ههنا بأنه تعالى يلقيه في قلوبهم مكذبا لا أن التكذيب فعله سبحانه .
نعم أخرج ابن أبي حاتم عن أنس والحسن تفسير ضمير نسلكه إلى الشرك وأخرج هو وابن جرير عن ابن زيد أنه قال في الآية : هم كما قال الله تعالى هو أضلهم ومنعهم لكن هذا أمر وما نحن فيه آخر واعترض بعضهم رجوع الضمير إلى الذكر بأن نون العظمة لا تناسب ذلك فإنها إنما تحسن إذا كان فعل المعظم نفسه فعلا يظهر له أثر قوي وليس كذلك هنا فإنه تدافع وتنازع فيه وأجاب بأن المقام إذا كان للتوبيخ يحسن ذلك ولا يلزم أن تكون العظمة باعتبار القهر والغلبة فقد تكون باعتبار اللطف والإحسان وتعقب ذلك الشهاب بقوله : لا يخفى أنه باعتبار القهر والغلبة يقتضي أن يؤثر ذلك في قلوبهم وليس كذلك لعدم إيمانهم