بما يعقبه من قوله تعالى : ولقد أرسلنا أي رسلا كما روي عن ابن عباس وإنما لم يذكر لظهور الدلالة عليه من قبلك متعلق بأرسلنا أو بمحذوف وقع نعتا لمفعوله المحذوف أي رسلا كائنة من قبلك في شيع الأولين .
10 .
- أي فرقهم كما قال الحسن والكلبي وإليه ذهب الزجاج وهو وكذا أشياع جمع شيعة وهي الفرقة الجماعة المتفقة على طريقة ومذهب مأخوذ من شاع المتعدي بمعنى تبع لأن بعضهم يشايع بعضا ويتابعه وتطلق الشيعة على الأعوان والأنصار وأصل ذلك على ما قيل من الشياع بالكسر والفتح صغار الحطب يوقد به الكبار والمناسبة في ذلك نظرا للإطلاق في الثاني ظاهرة وللإطلاق الأول أن التابع من حيث أنه تابع ممن يتبعه وأضافته إلى الأولين من إضافة الموصوف إلى صفته عند الفراء ومن حذف الموصوف عند البصريين أي شيع الأمم الأولين والجار والمجرور متعلق بأرسلنا .
ومعنى إرسال الرسل في الشيع جعل كل منهم رسولا فيما بين طائفة منهم ليتابعوه في كل ما يأتي ويذر من أمور الدين وكأنه لو قيل إلى بدل في لم يظهر إرادة هذا المعنى وقيل : إنما عدل عن إلى إليها للإعلام بمزيد التمكين وزعم بعضهم أن الجار والمجرور متعلق بمحذوف هو صفة للمفعول المقدر أو حال ولا يخفى بعده .
وما يأتيهم من رسول حكاية حال ماضية كما قال الزمخشري لأن ما لا تدخل على مضارع إلا وهو في موضع الحال ولا على ماض إلا وهو قريب من الحال وهو قول الأكثرين وقال بعضهم : إن الأكثر دخول ما على المضارع مرادا به الحال وقد تدخل عليه مرادا به الاستقبال وأنشد قول أبي ذؤيب : أودى بني وأودعوني حسرة عند الرقاد وعبرة ما تقلع وقول الأعشى يمدح النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : له نافلات ما يغب نوالها وليس عطاء اليوم مانعه غدا وقال تعالى : ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي ولعله المختار وإن كان ما هنا على الحكاية والمراد نفي أتيان كل رسول لشيعته الخاصة به لانفي إتيان كل رسول لكل واحدة من تلك الشيع جميعا أو على سبيل البدل أي ما أتي شيعة من تلك الشيع رسول خاص بها إلا كانوا به يستهزئون .
11 .
- كما يفعله هؤلاء الكفرة والجملة كما قال أبو البقاء في محل النصب على أنها حال من ضمير المفعول في يأتيهم إن كان المراد بالإتيان حدوثه أو في محل الرفع أو الجر على أنها صفة رسول على لفظه أو موضعه لأنه فاعل وتعقب جعلها صفة باعتبار لفظه بأنه يفضي إلى زيادة من الاستغراقية في الإثبات لمكان إلا وتقدير العمل في النعت بعدها .
وجوز أن تكون نصبا على الاستثناء وإن كان المختار الرفع على البدلية وهذا كما ترى تسلية لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بأن هذه شنشنة جهال الأمم مع المرسلين عليهم السلام قبل وحيث كان الرسول مصحوبا بكتاب من عند الله تعالى ذكر استهزائهم بالرسول استهزاءهم بالكتاب ولذلك قال سبحانه : كذلك أي مثل السلك الذي سلكناه في قلوب أولئك المستهزئين برسلهم وبما جاءوا به نسلكه أي ندخله يقال : سلكت الخيط في الأبرة والسنان في المطعون أي