فيه من الختم بالحسنى .
وذكر القاضي بيض الله تعالى غرة أحواله أنه سبحانه ذكر لهذا البلاغ ثلاث فوائد هي الغاية والحكمة في إنزال الكتب تكميل الرسل عليهم السلام للناس المشار اليه بالانذار واستكمالهم القوة النظرية التي منتهى كمالها ما يتعلق بمعرفة الله تعالى المشار اليه بالعلم واستصلاح القوة العملية التي هي التدرع بلباس التقوى المشار اليه بالتذكر والظاهر أن المراد بأولى الالباب أصحاب العقول الخالصة من شوائب الوهم مطلقا ولا يقدح في ذلك ماقيل : إن الآية نزلت في أبي بكر رضي الله تعالى عنه وقد ناسب مختتم هذه السورة مفتتحها وكثيرا ماجاء ذلك في سور القرآن حتى زعم بعضهم أن قوله تعالى : ولينذروا به معطوف على قوله سبحانه : ليخرج الناس وهو من البعد بمكان نسأله سبحانه D أن يمن علينا بشآبيب العفو والغفران .
هذا ومن باب الاشارة في الآيات وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذاالبلد آمنا قال ابن عطاء : أراد عليه السلام أن يجعل سبحانه قلبه آمنا من الفراق والحجاب وقيل : اجعل بلد قلبي ذا أمن بك عنك واجنبني وبني أن نعبد الأصنام من المرغوبات الدنية والمشتهيات الحسية .
وقال جعفر رضي الله تعالى عنه : أراد عليه السلام لاتردني إلى مشاهدة الخلة ولا ترد أولادي إلى مشاهدة النبوة وعنه أنه قال : أصنام الخلة خطرات الغفلة ولحظات المحبة وفي رواية أخرى أنه عليه السلام كان آمنا من عبادة الاصنام في كبره وقد كسرها في صغره لكنه علم أن هوى كل إنسان صنمه فاستعاذ من ذلك .
وقال الجنيد قدس سره : أي امنعني وبني أن نرى لأنفسنا وسيلة اليك غير الافتقار وقيل : كل ماوقف العارف عليه غير الحق سبحانه فهو صنمه وجاء النفس هو الصنم الأكبر رب إنهن أضللن كثيرا من الناس بالتعلق بها والانجذاب اليها والاحتجاب بها عنك سبحانك فمن تبعني في طريق المجاهدة والخلة ببذل الروح بين يديك 0 فانه مني طينته من طينتي وقلبه من قلبي وروحه من روحي وسره من سري ومشربه في الخلة من مشربي ومن عصاني وفعل مايقتضي الحجاب عنك فانك غفور رحيم فلا أدعو عليه وأفوض أمره اليك قيل : إن هذا منه عليه السلام دعاء للعاصي بستر ظلمته بنوره تعالى ورحمته جل شأنه اياه بافاضة الكمال عليه بعد المغفرة ومن كلام نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم اللهم اهد قومي فانهم لايعلمون .
وفي أسرار التأويل أنه عليه السلام أشار بقوله : ومن عصاني إلى مقام الجمع ولذا لم يقل : ومن عصاك ويجوز أن يقال : انما أضاف عصيانهم إلى نفسه لأن عصيان الخلق للخالق غير ممكن وما من دابة الا وربي آخذ بناصيتها فهم في كل أحوالهم مجيبون لداعي ألسنة مشيئته سبحانه وإرادته القديمة وسئل عبدالعزيز المكي لم لم يقل الخليل ومن عصاك فقال لأنه عظم ربه D وأجله من أن يثبت أن أحدا يجترىء على معصيته سبحانه وكذا أجله سبحانه من أن يبلغ أحد مبلغ مايليق بشأنه عز شأنه من طاعته حيث قال فمن تعني ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم قيل : ان من عادة الله تعالى أن يبتلي خليله بالعظائم لينزعه عن نفسه وعن جميع الخليقة لئلا يبقى بينه وبينه حجاب من الحدثان فلذا امر جل شأنه هذا الخليل أن يسكن من ذريته في واد الحرم بلا ماء ولا زاد لينقطع اليه ولا يعتمد الا عليه D وناداه باسم الرب طمعا في تربية عياله وأهله بألطافه وايوائهم إلى جوار كرامته ربنا ليقيموا الصلاة التي يصل العبد بها اليك ويكون مرآة تجليك فاجعل أفئدة من الناس تهوي اليهم تميل بوصف الارادة والمحبة ليسلكوهم اليك ويدلوهم عليك قال ابن عطاء من انقطع عن الخلق بالكلية صرف الله تعالى اليه وجوه الخلق وجعل مودته في صدورهم ومحبته في