بالأمر بانذارهم كما يفصح عنه الفاء وقال الطيبي : واستحسنه التلميذ أنه يجوز أن يحمل الوعد على المفاد بقوله تعالى : وعند الله مكرهم وقد جعله وجها آخر لما ذكره الزمخشري من تفسيره له بقوله تعالى إنا لننصر رسلنا و كتب الله لأغلبن أنا ورسلي وفيه نظر لأنه لا اختصاص لذلك كما قيل بالتعذيب لاسيما الأخروى وإضافة مخلف إلى الوعد عند الجمهور من إضافة اسم الفاعل إلى المفعول الثاني كقولهم : هذا معطي درهم زيدا وهو لما كان يتعدى إلى اثنين إضافته إلى كل منهما فينصب ماتأخر وأنشد بعضهم نظيرا لذلك قوله : ترى الثور فيها مدخل الظل رأسه .
وسائره باد إلى الشمس أجمع وذكر أبو البقاء أن هذا قريب من قولهم : ياسارق الليلة أهل الدار وفي الكشاف أن تقديم الوعد ليعلم أنه لايخلف الوعد أصلا كقوله سبحانه : لايخلف الميعاد ثم قال جل شأنه : رسله ليؤذن أنه إذا لم يخلف وعده أحدا وليس من شأنه إخلاف المواعيد كيف يخلف رسله الذين هم خيرته وصفوته .
ونظر فيه ابن المنير بأن الفعل إذا تقيد بمفعول انقطع احتمال إطلاقه وهو هنا كذلك فليس تقديم الوعد الا على إطلاق الوعد بل على العناية والاهتمام به لأن الآية سيقت لتهديد الظالمين بما وعد سبحانه على ألسنة رسله عليهم السلام فالمهم ذكر الوعد وكونه على ألسنة الرسل عليهم السلام لايتوقف عليه التهديد والتخويف وقال صاحب الإنصاف : أن هذا النظر قوي إلا أن ما اعترض عليه هو القاعدة عند أهل البيان كما قال الشيخ عبد القاهر في قوله تعالى : وجعلوا لله شركاء الجن أنه قدم شركاء للايذان بأنه لاينبغي أن يتخذ الله تعالى شركاء مطلقا ثم ذكر الجن تحقيرا أي إذا لم يتخذ من غير الجن فالجن أحق بأن لايتخذوا .
وتعقب بأنه لايدفع السؤال بل يؤيده وكذا ماذكره الفاضل الطيبي فانه مع تطويله لم يأت بطائل فالوجه مافي الكسف من أن ذلك الاعلام إنما نشأ من جعل الاهتمام بشأن الوعد فهو ماسيق له الكلام وما عداه تبع وإفادة هذا الأسلوب الترقي كافادة اشرح لي صدري الاجمال والتفصيل نعم أن الظاهر من حال صاحب الكشاف أنه أضمر فيما قرره اعتزالا وهذه مسألة أخرى وقيل : مخلف هنا متعد إلى واحد كقوله تعالى : لايخلف الميعاد فاضيف إليه وانتصب رسله بوعده إذ هو مصدر ينحل إلى أن والفعل فرقة مخلف وعده رسله بنصب وعده وإضافة مخلف إلى رسله ففصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول وهذه القراءة تؤيد إعراب الجمهور في القراءة الأولى وأنه مما يتعدى مخلف هنا إلى مفعولين إن الله عزيز غالب لايماكر وقادر لايقادر ذو انتقام .
74 .
- من أعدائه لأوليائه فالجملة تعليل للنهي المذكور وتذييل له وحيث كان الوعد عبارة عن تعذيبهم خاصة كما مرت إليه الاشارة لم يذيل كما قال بعض المحققين بأن يقال : إن الله لايخلف الميعاد بل تعرض لوصف العز والانتقام المشعرين بذلك والمراد بالانتقام ماأشير إليه بالفعل وعبر عنه بالمكر .
يوم تبدل الأرض غير الأرض ظرف لمضمر مستأنف ينسحب عليه النهي المذكور أي ينجزه يوم إلى آخره أو معطوف عليه نحو وارتقب يوم إلى آخره وجعله بعض الفضلاء معمولا لاذكر محذوفا كما قيل في شأن نظائره وقيل : ظرف للانتقام وهو يوم يأتيهم العذاب بعينه ولكن له أحوال جمة يذكر