لحوقه بالكفار وخاصة وأيا ماكان فالناس مفعول أول لأنذر وقوله سبحانه : يوم يأتيهم العذاب مفعوله الثاني على معنى أنذرهم هوله ومافيه فالايقاع عليه مجازي أو هو بتقدير مضاف ولايجوز أن يكون ظرفا للانذار لأنه في الدنيا والمراد بهذا اليوم اليوم المعهود وهو اليوم الذي وصف بما يذهل الألباب وهو يوم القيامة وقيل : هو يوم موتهم معذبين بالسكرات ولقاء الملائكة عليهم السلام بلا بشرى وروى ذلك عن أبي مسلم أو يوم هلاكهم بالعذاب العاجل وتعقب بأنه يأباه القصر السابق وأجيب بما فيه مافيه .
فيقول الذين ظلموا أي فيقولون والعدول عنه إلى مافي النظم الجليل للتسجيل عليهم بالظلم والاشعار بعليته لما ينالهم من الشدة المنبىء عنها القول وفي العدول عن الظالمين المتكفل بما ذكر مع اختصاره وسبق الوصف به للايذان على ماقيل بأن الظلم في الجملة كاف في الافضاء إلى ماأفضوا اليه من غير حاجة إلى الاستمرار عليه كما ينبىء عنه صيغة اسم الفاعل والمعنى على ماقال الجبائي وأبو مسلم الذين ظلموا منهم وهم الكفار وقيل : يقول كل من ظلم بالشرك والتكذيب من المنذرين وغيرهم من الأمم الخالية : ربنا أخرنا أي عن العذاب أو أخر عذابنا ففي الكلام تقدير مضاف أو تجوز في النسبة قال الضحاك ومجاهد : انهم طلبوا الرد إلى الدنيا والامهال إلى أجل قريب أي أمد وحد من الزمان قريب وقيل : إنهم طلبوا رفع العذاب والرجوع إلى حال التكليف مدة يسيرة يعملون فيها ما يرضيه سبحانه .
والمعنى على ماروى عن أبي مسلم أخر آجالنا وابقنا أياما نجب دعوتك أي الدعوة اليك والى توحيدك أو دعوتك لنا على ألسنة الرسل عليهم السلام ففيه ايماء الى أنهم صدقوهم في أنهم رسل الله سبحانه وتعالى .
ونتبع الرسل فيما جاؤا به أي نتدارك مافرطنا به من اجابة الدعوة واتباع الرسل عليهم السلام ولا يخلو ذكر الجملتين عن تأكيد والمقام حرى به وجمع اما باعتبار اتفاق الجميع على التوحيد وكون عصيانهم للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم عصيانا لهم جميعا عليهم السلام واما باعتبار ان المحكى كلام ظالمي الأمم جميعا والمقصود بيان وعد كل أمة بالتوحيد واتباع رسولها على ماقيل .
أولم تكونوا أقسمتم من قبل على تقدير القول معطوفا على فيقول والمعطوف عليه هذه الجملة أي فيقال لهم توبيخا وتبكيتا : ألم تؤخروا في الدنيا ولم تكونوا حلفتم إذ ذاك بألسنتكم بطرا وأشرا وسفها وجهلا مالكم من زوال .
44 .
- مما أنتم عليه من التمتع بالحظوظ الدنياوية أو بألسنة الحال ودلالة الأفعال حيث بنيتم مشيدا وأملتم بعيدا ولم تحدثوا أنفسكم بالانتقال إلى هذه الأحوال والأهوال وفيه إشعار بامتداد زمان التأخير وبعد مداه أو مالكم من زوال وانتقال من دار الدنيا إلى دار أخرى للجزاء كقوله تعالى : وأقسموا بالله جهد أيمانهم لايبعث الله من يموت وروى هذا عن مجاهد وأياما كان فمالكم الخ جواب القسم و من صلة لتأكيد النفي وصيغة الخطاب فيه لمراعاة حال الخطاب في أقسمتم كما في حلف بالله تعالى ليخرجن وهو أدخل في التوبيخ من أن يقال مالنا مراعاة لحال المحكي الواقع في جواب قسمهم وقيل هو ابتداء كلام من قبل الله تعالى جوابا لقولهم : ربنا أخرنا أي مالكم من زوال عن هذه الحال وجواب القسم لايبعث الله من القبور محذوفا وهو خلاف المتبادر