ويقال : أقنع رأسه نكسه وطأطأه فهو من الأضداد قال المبرد وكونه بمعنى رفع أعرف في اللغة اه وقيل : ومن المعنى الأول قنع الرجل إذا رضي بما هو فيه كأنه رفع رأسه عن السؤال : وقد يقال : إنه من الثاني كأنه طأطأ رأسه ولم يرفعه للسؤال ولم يستشرف إلى غير ماعنده ونصب الوصفين على أنهما حالان من مضاف محذوف أي أصحاب الأبصار بناء على أنه يقال : شخص زيد ببصره أو الأبصار تدل على أصحابها فجاءت الحال من المدلول عليه ذكر ذلك أبو البقاء وجوز أن يكون مهطعين منصوبا بفعل مقدر أي تبصرهم مهطعين و مقنعي رؤسهم على هذا قيل : حال من المستتر في مهطعين فهي حال متداخلة وإضافته غير حقيقية فلذا وقع حالا وقال بعض الأفاضل : إن في اعتبار الحالية من أصحاب حسبما ذكر أولا ما لايخفى من البعد والتكلف والأولى والله تعالى أعلم جعل ذلك حالا مقدرة من مفعول يؤخرهم وقوله سبحانه : تشخص فيه الأبصار بيان حال عموم الخلائق ولذلك أوثر فيه الجملة الفعلية فان المؤمنين المخلصين لايستمرون على تلك الحال بخلاف الكفار حيث يستمرون عليها ولذلك عبر عن حالهم بما يدل على الدوام والثبات فلا يرد على هذا توهم التكرار بين مهطعين و تشخص فيه الأبصار على بعض التفاسير وبنحو ذلك رفع التكرار بين الأول وقوله تعالى : لايرتد اليهم طرفهم بمعنى لايرجع اليهم تحريك أجفانهم حسبما كان يرجع اليهم كل لحظة فالطرف باق على أصل معناه وهو تحريك الجفن والكلام كناية عن بقاء العين مفتوحة على حالها وجوز أن يراد بالطرف نفس الجفن مجازا لأنه يكون فيه ذلك أي لاترجع اليهم أجفانهم التي يكون فيها الطرف وقال الجوهري : الطرف العين ولا يجمع لأنه في الأصل مصدر فيكون واحدا ويكون جمعا وذكر الآية وفسره بذلك أبو حيان أيضا وأنشد قول الشاعر : وأغض طرفي مابدت لي جارتي حتى يوارى جارتي مأواها وليس ماذكر متعينا فيه وهو معنى مجازي له وكذا النظر وجوز ارادته على معنى لايرجع اليهم نظرهم لينظروا الى أنفسهم فضلا عن شيء آخر بل يبقون مبهوتين ولا ينبغي كما في الكشف ان يتخيل تعلق اليهم بما بعده على معنى لايرجع نظرهم إلى أنفسهم أي لايكون منهم نظر كذلك لأن صلة المصدر لاتتقدم والمسئلة في مثل ما نحن فيه خلافية ودعوى عدم الجمع ادعاها جمع وادعى أبو البقاء أنه قد جاء مجموعا هذا وأنت خبير بأن لزوم التكرار بين مهطعين و لايرتد اليهم طرفهم على بعض التفاسير متحقق ولا يدفعه اعتبار الحالية من مفعول يؤخرهم على أن بذلك لايندفع عرق التكرار رأسا بين تشخص فيه الأبصار وكل من الأمرين المذكورين كما لايخفى على من صحت عين بصيرته وفي إرشاد العقل السليم ان جملة لايرتد الخ حال أو بدل من مقنعي الخ أو استئناف والمعنى لايزول مااعتراهم من شخوص الابصار وتأخيره عما هو من تتمة من الاهطاع والاقناع مع ما بينه وبين الشخوص المذكور من المناسبة لتربية هذا المعنى وكأنه أراد بذلك دفع التكرار وفي انفهام لايزول ا لخ من ظاهر التركيب خفاء واعتبر بعضهم عدم الاستقرار في الشخوص وعدم الطرف هنا فاعترض عليه بلزوم المنافاة وأجيبي بأن الثاني بيان حال آخر وان اولئك الظالمين تارة لاتقر أعينهم وتارة يبهتون فلا تطرف أبصارهم وقد جعل الحالتان المتنافيتان لعدم الفاصل كأنهما في حال واحد كقول امرىء القيس :