أو جنس الظالمين وهم داخلون دخولا أوليا والآية على ماقال الطيبي مردودة الى قوله تعالى : قل تمتعوا وقل لعبادي واختار جعلها تسلية له E وتهديدا للظالمين على سبيل العموم .
وقرأ طلحة ولا تحسب بغير نون التوكيد إنما يؤخرهم يمهلهم متمتعين بالحظوظ الدنيوية ولا يعجل عقوبتهم وهو استئناف وقع تعليلا للنهي السابق أي لاتحسبن الله تعالى غافلا عن عقوبة أعمالهم لما ترى من التأخير انما ذلك لأجل هذه الحكمة وايقاع التأخير عليهم مع أن المؤخر انما هو عذابهم قيل : لتهويل الخطب وتفظيع الحال بييان أنهم متوجهون الى العذاب مرصدون لأمر مالا أنهم باقون باختيارهم وللدلالة على أن حقهم من العذاب هو الاستئصال بالمرة وأن لايبقى منهم في الوجود عين ولا أثر وللايذان بأن المؤخر ليس من جملة العذاب وعنوانه ولو قيل : انما يؤخر عذابهم لما فهم ذلك .
وقرأ السلمي والحسن والأعرج والمفضل عن عاصم ويونس بن حبيب عن أبي عمرو وغيرهم نؤخرهم بنون العظمة وفيه التفات ليوم هائل تشخص فيه الأبصار .
24 .
- أي ترتفع أبصار أهل الموقف فيدخل في زمرتهم الظالمون المعهودون دخولا أوليا أي تبقى مفتوحة لاتطرف كما قال الراغب من هول مايرونه وفي البحر شخص البصر أحد النظر ولم يستقر مكانه والظاهر أن اعتبار عدم الاستقرار لجعل الصيغة من شخص الرجل من بلده إذا خرج منها فانه يلزمه عدم القرار فيها أو من شخص بفلان إذا ورد عليه مايقلقه كما في الأساس .
وحمل بعضهم الألف واللام على العهد أي أبصارهم لأنه المناسب لمابعده والظاهر مما روى عن قتادة فقد أخرج عبد بن حميد وغيره عنه انه قال في الآية : شخصت فيه والله أبصارهم فلا ترتد اليهم واختار بعضهم حمل أل على العموم قال : لأنه أبلغ في التهويل ولا يلزم عليه التكرير مع بعض الصفات الآتية وسيأتي قريبا إن شاء الله تعالى ماقيل فيه مهطعين مسرعين إلى الداعي قاله ابن جبير وقتادة وقيده في البحر بقوله : بذلة واستكانة كاسراع الأسير والخائف وقال الأخفش : مقبلين للاصغاء وأنشد : بدجلة دارهم ولقد أراهم بدجلة مهطعين إلى السماع وقال مجاهد : مديمين النظر لايطرفون وقال احمد بن يحيى : المهطع الذي ينظر في ذل وخشوع لايقلع بصره وروى ابن الأنباري ان الاهطاع التجميح وهو قبض الرجل مابين عينيه وقيل : إن الاهطاع مد العنق والهطع طول العنق وذكر بعضهم أن أهطع وهطع بمعنى وان كل المعاني تدور على الاقبال مقنعي رؤسهم رافعيها مع الاقبال بأبصارهم إلى مابين أيديهم من غير التفات إلى شيء قاله ابن عرفة والقتيبي .
وانشد الزجاج قول الشماخ يصف ابلا ترعى أعلا الشجر : يباكرن العضاة بمقنعات نواجذهن كالحد الوقيع وأنشده الجوهري لكون الاقناع انعطاف الانسان إلى داخل الفم يقال : فم مقنع أي معطوفة أسنانه إلى داخله وهو الظاهر وفسر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما المقنع بالرافع رأسه أيضا وأنشد له قول زهير : هجان وحمر مقنعات رؤسها وأصفر مشمول من الزهر فاقع