وان كان عقيب ذكر الولدين لما أن نعمة الهبة فائضة عليه عليه السلام خاصة وهما من النعم لا من المنعم عليهم رب اجعلني مقيم الصلوة معدلا لها فهو مجاز من أقمت العود اذا قومته وأراد بهذا الدعاء الديمومة على ذلك وجوز بعضهم أن يكون المعنى مواظبا عليها وبعض عظماء العلماء أخذ الأمرين في تفسير ذلك على أن الثاني قيد للاول مأخوذ من صيغة الاسم والعدول عن الفعل كما ان الاول مأخوذ من موضوعه على ماقيل فلا يلزم استعمال اللفظ في معنيين مجازيين وتوحيد ضمير المتكلم مع شمول دعوته عليه السلام لذريته أيضا حيث قال : ومن ذريتي للاشعار بأنه المقتدى في ذلك وذريته أتباع له فان ذكرهم بطريق الاستطراد ومن للتبعيض والعطف كما قال أبو البقاء على مفعول اجعل الاول أي ومن ذريتي مقيم الصلاة .
وفي الحواشي الشهابية أن الجار والمجرور في الحقيقة صفة للمعطوف على ذلك أي وبعضا من ذريتي ولولا هذا التقدير كان ركيكا وإنما خص عليه السلام هذا الدعاء ببعض ذريته لعلمه من جهته تعالى أن بعضا منهم لايكون مقيم الصلاة بأن يكون كافرا أو مؤمنا لايصلي وجوز أن يكون علم من استقرائه عادة الله تعالى في الأمم الماضية أن يكون في ذريته من لايقيمها وهذا كقوله : واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ربنا وتقبل دعاء .
4 .
- ظاهره دعائي هذا المتعلق بجعلي وجعل بعض ذريتي مقيمي الصلاة ولذلك جيء بضمير الجماعة وقيل : الدعاء بمعنى العبادة أي تقبل عبادتي وتعقب بأن الأنسب أن يقال فيه دعاءنا حينئذ وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وهبيرة عن حفص دعائي بياء ساكنة في الوصل وفي رواية البزي عن ابن كثير أنه يصل ويقف بياء .
وقال قنبل : إنه يشم الياء في الوصل ولا يثبتها ويقف عليها بالألف ربنا اغفر لي أي مافرط مني مما أعده ذنبا ولوالدي أي لأمي وأبي وكانت أمه على ماروى عن الحسن مؤمنة فلا إشكال في الاستغفار لها وأما استغفاره لأبيه فقد قيل في الاعتذار عنه إنه كان قبل أن تبين له أنه عدو لله سبحانه والله تعالى قد حكى ماقاله عليه السلام في أحايين مختلفة وقيل : إنه عليه السلام نوى شرطية الاسلام والتوبة وإليه ذهب ابن الخازن وقيل : أراد بوالده نوحا عليه السلام وقيل : أراد بوالده آدم وبوالدته حواء عليهما السلام وإليه ذهب بعض من قال بكفر أمه والوجه ماتقدم .
وقالت الشيعة : ان والديه عليه السلام كانا مؤمنين ولذا دعا لهما وأما الكافر فأبوه والمراد به عمه أو جده لأمه واستدلوا على إيمانه أبويه بهذه الآية ولم يرضوا ماقيل فيها حتى القول الأول بناء على زعمهم أن هذا الدعاء كان بعد الكبر وهبة إسماعيل وإسحاق عليهما السلام له وقد كان تبين له في ذلك الوقت عداوة أبيه الكافر لله تعالى .
وقرأ الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما وأبو جعفر محمد وزيد ابنا علي وابن يعمر والزهري والنخعي ولوالدي بغير ألف وبفتح اللام تثنية ولد يعني بهما إسمعيل وإسحاق وأنكر عاصم الجحدري هذه القراءة ونقل أن في مصحف أبي ولأبوي وفي بعض المصاحف ولذريتي وعن يحيى بن يعمر ولولدي بضم الواو وسكون اللام فاحتمل أن يكون جمع ولد كأسد في أسد ويكون قد دعا عليه السلام لذريته وأن