أني على ماترين من كبري أعرف من أين تؤكل الكتف والجار والمجرور في موضع الحال والتقييد بذلك استعظاما للنعمة واظهارا لشكرها وسيصح جعل على بمعناها الاصلي والاستعلاء مجازي كما في البحر ومعنى استعلائه على الكبر أنه وصل غايته فكأنه تجاوزه وعلا ظهره كما يقال : على رأس السنة وفيه من المبالغة مالايخفى وقال بعضهم : لو كانت للاستعلاء لكان الانسب جعل الكبر مستعليا عليه كما في قولهم : علي دين وقوله : ولهم علي ذنب بل الكبر أولى بالاستعلاء منهما حيث يظهر أثره في الرأس واشتعل الرأس شيبا نعم يمكن أن تجري على حقيقتها بجعلها متعلقة بالتمكن والاستمرار أي متمكنا مستمرا على الكبر وهو الأنسب لأظهار ما في الهيئة من الآية حيث لم يكن في أول الكبر اه وفيه غفلة عماذكرنا اسماعيل وإسحق روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه وهب له اسمعيل وهو ابن تسع وتسعين ووهب له اسحق وهو ابن مائة واثنتي عشرة سنة وفي رواية أنه ولد له اسماعيل لأربع وستين واسحق لسبعين وعن ابن جبير لم يولد لابراهيم عليه السلام الا بعد مائة وسبع عشرة سنة إن ربي ومالك أمري لسميع الدعاء .
93 .
- أي لمجيبه فالسمع بمعنى القبول والاجابة مجاز كما في سمع الله تعالى لمن حمده وقولهم : سمع الملك كلامه اذا اعتد به وقبله وهو فعيل من امثلة المبالغة واعمله سيبويه وخالف في ذلك جمهور البصريين وخالف الكوفيون فيه وفي اعمال سائر أمثلتها وهو اذا قلنا بجواز عمله مضاف لمفعوله أن أريد به المستقبل وقيل : إنه غير عامل لأنه قصد به الماضي او الاستمرار وجوز الزمخشري أن يكون مضافا لفاعله المجازي فالاصل سميع دعاؤه بجعل الدعاء نفسه سامعا والمراد أن المدعو وهو الله تعالى سامع وتعقبه أبو حيان بأنه بعيد لاستلزامه أن يكون من باب الصفة المشبهة وهو متعد ولا يجوز ذلك الا عند الفارسي حيث لايكون لبس نحو زيد ظالم العبيد اذا علم أن له عبيدا ظالمين وههنا فيه الباس لظهور أنه من اضافة المثال للمفعول انتهى وهو كلام متين .
والقول بأن اللبس منتف لأن المعنى على الاسناد المجازي كلام واه لأن المجاز خلاف الظاهر فاللبس فيه أشد ومثله القول بأن عدم اللبس انما يشترط في اضافته الى فاعله على القطع وهذا كما قال بعض الاجلة مع كونه من تتمة الحمد والشكر لما فيه من وصفه تعالى بأن قبول الدعاء عادته سبحانه المستمرة تعليل على طريق التذييل للهبة المذكورة وفيه ايذان بتضاعيف النعمة فيها حيث وقعت بعد الدعاء بقوله : رب هب لي من الصالحين فاقترنت الهبة بقبول الدعوة وذكر بعضهم أن موقع قوله : الحمد لله وتذييله موقع الاعتراض بين أدعيته عليه السلام في هذا المكان تأكيدا للطلب بتذكير ماعهد من الاجابة يتوسل اليه سبحانه بسابق نعمته تعالى في شأنه كأنه عليه السلام يقول اللهم استجب دعائي في حق ذريتي في هذا المقام فانك لم تزل سميع الدعاء وقد دعوتك على الكبر أن تهب لي ولدا فأجبت دعائي وهبت لي اسماعيل واسحاق ولا يخفى أن اسحاق عليه السلام لم يكن مولودا عند دعائه عليه السلام السابق فالوجه أن لايجعل ذلك اعتراضا بل يحمل على أن الله تعالى حكى جملا مما قاله ابراهيم عليه السلام في أحايين مختلفة تشترك كلها فيما سيق له الكلام من كونه عليه السلام على الايمان والعمل الصالح وطلب ذلك لذريته وأن ولده الحقيقي من تبعه على ذلك فترك العناد والكفر وقد ذكر هذا صاحب الكشف .
ومما يعضده مااخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال في قوله : الحمد لله الخ : قال هذا بعد ذلك بحين ووحد عليه السلام الضمير في رب