عن بحث فقال : اعلم أنه قال في الايضاح أنه قد يكون القصد الى الابتداء دون أن يقصد انتهاء مخصوص اذا كان المعنى لايقتضي الا المبتدأ منه كأعوذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم وزيد أفضل من عمرو .
وقد قيل : إن جميع معاني من دائرة على الابتداء والتبعيض هنا لايظهر فيه فائدة كما في قوله : وهن العظم مني فان كون قلب الشخص وعظمه بعضا منه معنى مكشوف غير مقصود بالافادة فلذا جعلت للابتداء والظرف مستقر للتفخيم كأن ميل القلب نشأ من جملته مع أن ميل جملة كل شخص من جهة قلبه كما أن سقم قلب العاشق نشأ منه مع أنه اذا صلح صلح البدن كله وإلى هذا نحا المحققون من شراح الكشاف لكنه معنى غامض فتدبره والافئدة مفعول أول لاجعل وهو جمع فؤاد وفسروه على مافي البحر وغيره بالقلب لكن يقال له فؤاد اذا اعتبر فيه معنى التفؤد أي النوقد يقال : فأدت اللحم أي شويته ولحم فئيد أي مشوي وقيل : الأفئدة هنا القطع من الناس بلغة قريش واليه ذهب ابن بحر والمفعول الثاني جملة تهوى وأصل الهوى الهبوط بسرعة وفي كلام بعضهم السرعة وكان حقه ان يعدى باللام كما في قوله : حتى اذا ما هوت كف الوليد لها طارت وفي كفه من ريشها تبك وانما عدى بإلى لتضمينه معنى الميل كما في قوله : تهوى الى مكة تبغى الهدى مامؤمن الجن كأنجاسها ولما كان ماتقدم كالمبادي لأجابة دعائه عليه السلام واعطاء مسؤوله جاء بالفاء في قوله : فاجعل الى آخره وقرأ هشام أفئيدة بياء بعد الهمزة نص عليه الحلواني عنه وخرج ذلك على الاشباع كما في قوله : أعوذ بالله من العقراب الشائلات عقد الاذناب ولما كان ذلك لايكون إلا في ضرورة الشعر عند بعضهم قالوا : إن هشاما قرأ بتسهيل الهمزة كالياء فعبر عنها الراوي بالياء فظن من أخطأ فهمه أنها بياء بعد الهمزة والمراد بياء عوضا من الهمزة وتعقب ذلك الحافظ أبو عمرو الداني بأن النقلة عن هشام كانوا من أعلم الناس بالقراءة ووجوهها فهم أجل من أن يعتقد فيهم مثل ذلك وقرىء آفدة على وزن ضاربة وفيه احتمالان أحدهما أن يكون قدمت فيه الهمزة على الفاء فاجتمع همزتان ثانيتهما ساكنة فقبلت ألفا فوزنه أعفلة كما قيل في أدور جمع دار قلبت فيه الواو المضمومة همزة ثم قدمت وقلبت الفا فصار آدر وثانيهما انه اسم فاعل من أفد يأفد بمعنى قرب ودنا ويكون بمعنى عجل وهو صفة لمحذوف أي جماعة أو جماعات آفدة وقريء أفدة بفتح الهمزة من غير مد وكسر الفاء بعدها دال وهو اما صفة من أفد بوزن خشنة فيكون بمعنى آفدة في القراءة الأخرى أو اصله أفئدة فنقلت حركة الهمزة الى ماقبلها ثم طرحت وهو وجه مشهور عند الصرفيين والقراء .
قال الاولون : اذا تحركت الهمزة بعد ساكن صحيح تبقى أو تنقل حركتها الى ماقبلها وتحذف ولايجوز جعلها بين بين لما فيه من شبه التقاء الساكنين وقال صاحب النشر من الآخرين : الهمزة المتحركة بعد حرف صحيح ساكن كمسؤلا وأفئدة وقرآن وظمآن فيها وجه واحد وهو النقل وحكى فيه وجه ثان وهو بين بين وهو ضعيف جدا وكذا قال غيره منهم فما قيل : إن الوجه اخراجها بين بين ليس بالوجه وقرأت أم الهيثم أفودة بالواو المكسورة بدل الهمزة قال صاحب اللوامح : وهو جمع وفد والقراءة حسنة لكني لاأعرف