الجليلين مافي القرآن من قوارع تنعى على قريش عبادة الاصنام وقال الامام بعد نقله كلام مجاهد : إن هذا ليس بقوى لأنه عليه السلام لم يرد بهذا الدعاء الا عبادة غير الله تعالى والصنم كالوثن في ذلك ويرد مثله على ابن عيينة ومن هنا قيل عليه : إن فيما ذكره كرا على ما فر منه لأن ماكانوا يصنعونه عبادة لغير الله تعالى أيضا : واستدل بعض أصحابنا بالآية على أن التبعيد من الكفر والتقريب من الايمان ليس الا من الله تعالى لأنه عليه السلام انما طلب التبعيد عن عبادة الاصنام منه تعالى وحمل ذلك على الالطاف فيه ما فيه رب انهن اي الاصنام اضللن كثيرا من الناس أي تسببن له في الضلال فاسناد الاضلال اليهم مجازي لأنهن جماد لايعقل منهن ذلك والمضل في الحقيقة هو الله تعالى وهذا تعليل لدعائه عليه السلام السابق وصدر بالنداء اظهارا للاعتناء به ورغبة في استجابته فمن تبعني منهم فيما أدعو اليه من التوحيد وملة الاسلام فانه مني يحتمل أن تكون من تبعيضية على التشبيه أي فانه كبعضي في عدم الانفكاك ويحتمل أن تكون اتصالية كما في قوله صلى الله تعالى عليه وسلم لعلي كرم الله تعالى وجهه أنت مني بمنزلة هرون من موسى أي فانه متصل بي لاينفك عني في أمر الدين وتسميتها اتصالية لأنه يفهم منها اتصال شيء بمجرورها وهي ابتدائية الا أن ابتدائيته باعتبار الاتصال كذا في حواشي شرح المفتاح للشريفي يعني أن مجرورها ليس مبدأ أو منشأ لنفس ما قبلها بل لأتصاله فاما أن يقدر متعلقها فعلا خاصا كما قاله الجلال السيوطي في بيان الخبر من أن مني فيه خبر المبتدأ ومن اتصالية ومتعلق الخبر خاص والباء زائدة بمعنى أنت متصل بي ونازل مني بمنزلة هرون من موسى واما أن يقدر فعل عام كما ذهب اليه الشريف هناك أي منزلته بمنزلة كائنة وناشئة مني كمنزلة هرون من موسى عليهما السلام وتقديره خاصا هنا كما فعلنا على تقدير جعلها اتصالية مما يستطيبه الذوق السليم دون تقديره عاما ومن عصاني أي لم يتبعني والتعبير عنه بالعصيان كما قيل للايذان بأنه عليه السلام مستمر على الدعوة وأن عدم اتباع من لم يتبعه انما هو لعصيانه لا لأن الدعوة لم تبلغه وفي البحر أن بين الاتباع والعصيان طباقا معنويا لأن الاتباع طاعة فانك غفور رحيم .
63 .
- اي قادر على أن تغفر له وترحمه وفي الكلام على ما أشار اليه البعض حذف والتقدير ومن عصاني فلا أدعو عليه فانك الخ وفي الآية دليل على أن الشرك يجوز أن يغفر ولا اشكال في ذلك بناء على ما قال النووي في شرح مسلم من أن مغفرة الشرك كانت في الشرائع القديمة جائزة في أممهم وانما امتنعت في شرعنا .
واختلف القائلون بأن مغفرة الشرك لم تكن جائزة في شريعة من الشرائع في توجيه في توجيه الآية فمنهم من ذهب الى أن المراد غفور رحيم بعد التوبة ونسب ذلك الى السدي ومنهم من ذهب الى تقييد العصيان بما دون الشرك وغفل عما تقتضيه المعادلة وروى ذلك عن مقاتل وفي رواية أخرى عنه أنه قال : إن المعنى ومن عصاني باقامته على الكفر فانك قادر على أن تغفر له وترحمه بأن تنقله من الكفر إلى الإيمان والاسلام وتهديه الى الصواب ومنهم من قال : المعنى ومن لم يتبعني فيما أدعو اليه من التوحيد واقام على الشرك فانك قادر على ان تستره عليه وترحمه بعدم معالجته بالعذاب ونظير ذلك قوله تعالى : وان ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم ومنهم من قال : ان الكلام على ظاهره وكان ذلك منه عليه السلام قبل أن يعلم أن الله سبحانه