جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها باذن ربهم تحيتهم فيها سلام لم يذكر من يحييهم وقد ذكروا أن منهم من يحييهم ربهم وهم أهل الصفوة والقربة ومنهم من يحييهم الملائكة وهم أهل الطاعات والدرجات وماأطيب سلام المحبوب على محبه وما ألذه على قلبه : أشاروا بتسليم فجدنا بأنفس تسيل من الآماق والاسم أدمع ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين باذن ربها اشارة كما قيل إلى كلمة التوحيد التي غرسها الحق في ارض بساتين الارواح وجعل سبحانه أصلها هناك ثابتا بالتوفيق وفرعها في سماء القربة وسقيها من سواقي العناية وساقها المعرفة وأغصانها المحبة وأوراقها الشوق وحارسها الرعاية تؤتى أكلها في جميع الانفاس من لطائف العبودية وعرفان أنوار الربوبية وقال بعضهم : الكلمة الطيبة النفس الطيبة أصلها ثابت بالاطمئنان وثبات الاعتقاد بالبرهان وفرعها في سماء الروح تؤتي أكلها من ثمرات المعارف والحكم والحقائق كل وقت بتسهيله تعالى ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة أجتثت من فوق الارض مالها من قرار اشارة إلى كلمة الكفر أو النفس الخبيثة وقال جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه : الشجرة الخبيثة الشهوات وارضها النفوس وماؤها الامل وأوراقها الكسل وثمارها المعاصي وغايتها النار يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة قال الصادق رضي الله تعالى عنه : يثبتهم في الحياة الدنيا على الايمان وفي الآخرة على صدق جواب الرحمن وجعل بعضهم القول الثابت قوله سبحانه وحكمه الأزلي أي يثبتهم على مافيه تبجيلهم وتوقيرهم في الدارين حيث حكم بذلك في الازل وحكمه سبحانه الثابت الذي لايتغير ولا يتبدل ويضل الله الظالمين في الحياتين لسوء استعدادهم الذين بدلوا نعمة الله من الهداية الاصلية والنور الفطري كفرا احتجابا وضلالا وأحلوا قومهم من تابعهم واقتد بهم في ذلك دار البوار الهلاك والحرمان وجعلوا لله أندادا من متاع الدنيا ومشتهياتها التي يحبونها كحب الله سبحانه ليضلوا عن سبيله كل من نظر إلى ذلك والتفت اليه الله الذي خلق السموات أي سموات الارواح والارض أي أرض الاجساد وأنزل من السماء أي سماء عالم القدس ماء وهو ماء العلم فأخرج به من أرض النفس من الثمرات وهي ثمرات الحكم والفضائل رزقا لكم في تقوى القلب بها وسخر لكم الفلك أي فلك العقول لتجري في البحر أي بحر آلائه وأسرار مخلوقاته الدالة على عظمته سبحانه وسخر لكم الانهار أي أنهار العلم التي تنتهي بكم إلى ذلك البحر العظيم وسخر لكم الشمس شمس الروح والقمر قمر القلب دائبين في السير بالمكاشفة والمشاهدة وسخر لكم الليل ليل ظلمة صفات النفس والنهار نهار نور الروح لطلب المعاش والمعاد والراحة والاستنارة وآتاكم من كل ماسألتموه بلسان الاستعداد فان المسؤل بذلك لايمنع وإن تعدوا نعمة الله السابقة واللاحقة لاتحصوها لعدم تناهيها إن الانسان لظلوم ينقص حق الله تعالى أو حق نفسه بابطال الاستعداد أو يضع نور الاستعداد في ظلمة الطبيعة ومادة البقاء في محل الفناء كفار لتلك النعم التي لاتحصى لغفلته عن المنعم عليه بها وقيل : إن الانسان لظلوم لنفسه حيث يظن أن شكره يقابل نعمه تعالى كفار محجوب عن رؤية الفضل عليه بداية ونهاية نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى ويكرمنا بالهداية والعناية وإذ قال ابراهيم مفعول لفعل محذوف أي أذكر ذلك الوقت