بآية النحل مما لايلتفت اليه انتهى كلامه .
وفيه بحث وقيل : انما ختم سبحانه آية النحل بما ختم للاطناب هناك في ذكر النعم مع تقدم الدعوة الى الشكر صريحا فكان ذلك مظنة التقصير فيه ويناسب الاطناب في سرد النعم أن يذكر منها مايتعلق بذلك وهو الغفران والرحمة فتأمل والله تعالى أعلم بأسرار كتابه .
ومن باب الاشارة في الآيات الر كتاب أنزلناه اليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور فيه احتمالات عندهم فقيل : من ظلمات الكثرة الى نور الوحدة أو من ظلمات صفات النشأة الى نور الفطرة أو من ظلمات حجب الافعال والصفات الى نور الذات وهو المراد بقولهم : النور البحت الخالص من شوب المادة والمدة وقال جعفر : من ظلمات الكفر الى نور الايمان ومن ظلمات البدعة الى نور السنة ومن ظلمات النفوس الى نور القلوب وقال أبو بكر بن طاهر : من ظلمات الظن الى نور الحقيقة وقيل غير ذلك باذن ربهم بتيسيره بهبة الاستعداد وتهيئة أسباب الخروج الى الفعل الى صراط العزيز الذي يقهر الظلمة بالنور الحميد بكمال ذاته أو بما يهب لعباده المستعدين من الفضائل والعلوم أو من الوجود الباقي أو نحو ذلك وويل للكافرين المحجوبين من عذاب شديد وهو عذاب الحرمان الذين يستحبون الحياة الدنيا الحسية والصورية على الآخرة العقلية والمعنوية ويصدون المريدين عن سبيل الله طريقه الموصل اليه سبحانه : ويبغونها عوجا انحرافا مع استقامتها وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم أي بكلام يناسب حالهم واستعدادهم وقدر عقولهم والالم يفهموا فلا يحصل البيان وعن عمر رضي الله تعالى عنه كلموا الناس بما يفهمون أتريدون أن يكذب الله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم وفي أسرار التأويل لكل نبي وصديق اصطلاح في كلام المعرفة وطريق المحبة يخاطب به من يعرفه من أهل السلوك وعلى هذا لاينبغي للصوفي أن يخاطب العامة باصطلاح الصوفية لأنهم لايعرفونه وخطابهم بذلك مثل خطاب العربي بالعجمية أو العجمي بالعربية ومنشأ ضلال كثير من الناس الناظرين في كتب القوم جهلهم باصطلاحاتهم فلا ينبغي للجاهل بذلك النظر فيها لأنها تأخذ بيده الى الكفر الصريح بل توقعه في هوة كفر كفر أبي جهل ايمان بالنسبة اليه ومن هنا صدر الامر السلطاني إذ كان الشرع معتنى به النهي عن مطالعة كتب الشيخ الأكبر قدس سره ومن انخرط في سلكه فيضل الله من يشاء اضلاله لزوال استعداده بالهيئات الظلمانية ورسوخها والاعتقادات الباطلة واستقرارها ويهدي من يشاء هدايته ممن بقى على استعداده أو لم يرسخ فيه تلك الهيآت والاعتقادات ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله وهي أيام وصاله سبحانه حين كشف لعباده سجف الربوبية في حضرة قدسية وأدناهم إلى جنابه ومن عليهم بلذيذ من خطابه : سقيا لها ولطيبها ولحسنها وبهائها أيام لم يلج النوى بين العصا ولحائها وماأحسن ماقيل : وكانت بالعراق لنا ليال سلبناهن من ريب الزمان جعلناهن تاريخ الليالي وعنوان المسرة والاماني وأمره عليه السلام بتذكير ذلك ليثور غرامهم ويأخذ بهم نحو الحبيب هيامهم فقد قيل :