عليه وسلم : لايبيعن أحدكم على بيع أخيه ولا مانع من ارادة المعنيين هنا فان قلنا بجواز استعمال المشترك في معنييه مطلقا كما قال به الشافعية أو في النفي كما قال به ابن الهمام فذاك والا احتجنا الى ارتكاب عموم المجاز فكأنه قيل : لامعاوضة فيه ولا خلال .
13 .
- أي مخالفة فهو كما قال أبو عبيدة وغيره مصدر خاللته كالخلال وقال الأخفش : هو جمع خليل كأخلاء وأخلة والمراد واحد وهو نفي أن يكون هناك خليل ينتفع به بأن يشفع له أو يسامحه بما يفتدى به ويحتمل أن يكون المعنى من قبل أن يأتي يوم لاانتفاع فيه لما لهجوا بتعاطيه من البيع والمخالفة ولا انتفاع بذلك وانما الانتفاع والارتفاق فيه بالانفاق لوجه الله تعالى فعلى الاول المنفي البيع والخلال في الآخرة وعلى هذا المراد نفي البيع والخلال الذين كانا في الدنيا بمعنى نفي الانتفاع بهما و فيه ظرف للانتفاع المقدر حسبما أشرنا اليه ولا يشكل ما هنا مع قوله تعالى : الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين حيث أثبت فيه المخالفة وعدم العداوة بين المتقين لأن المراد هنا على ماقيل نفي المخالفة النافعة بذاتها في تدارك ما فات ولم يذكر في تلك الآية أن المتقين يتدارك بعضهم لبعض ما فات .
وقيل في التوفيق بين الآيتين : إن المراد لا مخالة بسبب ميل الطبع ورغبة النفس وتلك المخالة الواقعة بين المتقين في الله تعالى مع أن الاستثناء من الاثبات لايلزمه النفي وان سلم لزومه فنفى العداوة لايلزم منه المخالة وهو كما ترى ومثله ماقيل : إن الاثبات والنفي بحسب المواطن والظرف على ما استظهره غير واحد متعلق بالامر المقدر وعلقه بالفعل المذكور من رأى رأي الكسائي ومن معه بل وبعض من رأى غير ذلك إلا أنه لايخلو عن شيء وتذكير اتيان ذلك اليوم على مافي ارشاد العقل السليم لتأكيد مضمون الأمر من حيث أن كلا من فقدان الشفاعة وما يتدارك بهالتقصير معارضة وتبرعا وانقطاع آثار البيع والخلال الواقعين في الدنيا وعدم الانتفاع بهما من أقوى الدواعي إلى الاتيان بما تبقى عوائده وتدوم فوائده من الانفاق في سبيل الله تعالى أو من حيث أن ادخار المال وترك انفاقه إنما يقع غالبا للتجارات والمهاداة فحيث لايمكن ذلك في الآخرة فلا وجه لادخاره إلى وقت الموت وتخصيص أمر الانفاق بذلك التأكيد لميل النفوس الى المال وكونها مجبولة على حبه والضنة به وفيه أيضا أنه لايبعد أن يكون تأكيدا لمضمون الأمر باقامة الصلاة أيضا من حيث أن تركها كثيرا مايكون للاشتغال بالبياعات والمخاللات كما في قوله تعالى : وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا اليها وأنت تعلم بعده لفظا بناء على تعلق سرا وعلانية بالامر بالانفاق ثم ان ماذكر من الوجهين في الآية هو الذي ذكره بعض المحققين واقتصر الزمخشري فيها على الوجه الثاني وكلامه في تقريره ظاهر في أن فائدة التقييد الحث على الانفاق حسبما بينه في الكشف وفيه في تقرير الحاصل أن قوله تعالى : لا بيع فيه ولا خلال أي لا انتفاع بهما كناية عن الانتفاع بما يقابلهما وهو ما انفق لوجه الله تعالى فهو حث على الانفاق لوجه سبحانه كأنه قيل : لينفقوا له من قبل أن يأتي يوم ينتفع بانفاقهم المنفقون له ولا ينفع الندم لمن أمسك والعدول الى مافي النظم الجليل ليفيد الحصر وان ذلك وحده هو المنتفع به وليفيد المضادة بين ماينفع عاجليا وما ينفع آجليا وذكر في آية البقرة من قبل أن يأتي يوم لابيع فيه ولا خلة أن المعنى من قبل أن يأتي يوم لاتقدرون فيه على تدارك ما فاتكم من الانفاق لأنه لابيع حتى تبتاعوا ماتنفقونه ولا خلة حتى يسامحكم أخلاؤكم به وبين المدقق وجه اختصاص كل من المعنيين بموضعه مع صحةجريانهما جميعا في