وعن أبي علي وجماعة أن يقيموا خبر في معنى الأمر وهو مقول القول ورد بحذف النون وهي في مثل ذلك لاتحذف ومنه قوله تعالى : هل ادلكم على تجارة تنجيكم الى قوله سبحانه : تؤمنون اذ المراد منه آمنوا والقول بأن لما كان بمعنى الأمر بني على حذف النون كما بني الاسم المتمكن في النداء على الضم في نحو يازيد لما شبه بقيل وبعد وما لم يبين إنما لوحظ فيه لفظه مما لايكاد يلتفت اليه وذهب الكسائي والزجاج وجماعة إلى أن مقول القول وهو مجزوم بلام أمر مقدرة أي ليقيموا وينفقوا على حد قول الاعشى : محمد تفد نفسك كل نفس إذا ما خفت من أمر تبالا وأنت تعلم أن اضمار الجازم أضعف من اضمار الجار الا أن تقدم قل نائب منابه كما أن كثرة الاستعمال في أمر المخاطب ينوب مناب ذلك والشيءإذا كثر في موضع أو تأكد الدلالة عليه جاز حذفه منه حذف الجار من أني إذا كانت بمعنى من أين وبما ذكرنا من النيابة فارق ما هنا مافي البيت فلا يضرنا تصريحهم فيه بكون الحذف ضرورة وعن ابن مالك أنه جعل حذف هذه اللام على أضرب قليل وكثير ومتوسط فالكثير ان يكون قبله قول بصيغة الامر كما في الآية والمتوسط ماتقدمه قول غير أمر كقوله : قلت لبواب لديه دارها تيذن فاني حمها وجارها والقليل ماسوى ذلك وظاهر كلام الكشف اختيار هذا الوجه حيث قال المدقق فيه : والمعنى على هذا أظهر لكثرة ما يلزم من الاضمار وان تقييد الجواب بقوله تعالى : من قبل أن يأتي الى ولا خلال ليس فيه كثير طائل انما المناسب تقييد الامر به وقال ابن عطية : ويظهر أن مقول القول الله الذي الخ ولا يخفى ما في ذلك من التفكيك على أنه لايصح حينئذ أن يكون يقيموا مجزوما ما في جواب الامر لأن قول الله الذي الخ لايستدعي أقامة الصلاة والانفاق الا بتقدير بعيد جدا هذا والمراد بالصلاة قيل ما يعم كل صلاة فرضا كانت أو تطوعا وعن ابن عباس تفسيرها بالصلاة المفروضة وفسر الاتفاق بزكاة الاموال .
ولايخفى عليك ان زكاة المال انما فرضت في السنة الثانية من الهجرة بعد صدقة الفطر وان هذه السورة كلها مكية عند الجمهور والآيتين ليست هذه الآية احداهن عند بعض ثم ان لم يكن هذا المأمور به في الآية مامورة به من قبل فالامر ظاهر وان كان مأمورا به فالامر للدوام فتحقق ذلك ولا تغفل سرا وعلانية منتصبان على المصدرية لكن من الامر المقدر أو من الفعل المذكور على ماذهب اليه الكسائي ومن معه على ماقبل والاصل انفاق سر وانفاق علانية فحذف المضاف وأقيم المضاف اليه مقامه فانتصب انتصابه ويجوز أن يكون الاصل انفاقا سرا وإنفاقا علانية فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه وجوز أن يكونا منتصبين على الحالية أما على التأويل بالمشتق أو على تقدير مضاف أي مسرين ومعلنين أو ذوي سر وعلانية أو على الظرفية أي في سر وعلانيته وقد تقدم الكلام في حكم نفقة السر ونفقة العلانية من قبل أن يأتي يوم لابيع فيه فيبتاع المقصر فيه ما يتلافى به تقصيره أو يفتدى به نفسه والمقصود كما قال بعض المحققين نفى عقد المعاوضة بالمرة وتخصيص البيع بالذكر للايجاز مع المبالغة في نفي العقد اذ انتفاء البيع يستلزم انتفاء الشراء على أبلغ وجه وانتفاؤه ربما يتصور مع تحقق الايجاب من البائع انتهى وقيل : إن البيع كما يستعمل في اعطاء المثمن وأخذ الثمن وهو المعنى الشائع يستعمل في اعطاء الثمن وأخذ المثمن وهو معنى الشراء وعلى هذا جاء قوله صلى الله تعالى