جهنم يصلونها واليه ذهب ابن عطية فالمراد بالاحلال حينئذ تعريضهم للهلاك بالقتل والاسر وأيد بما روى عطاء أن الآية نزلت في قتلى بدر وبقراءة ابن أبي عبلة جهنم بالرفع على الابتداء ويحتمل أن يكون جهنم على هذه القراءة خبر مبتدأ محذوف واختاره أبو حيان معللا بأن النصب على الاشتغال مرجوح من حيث أنه لم يتقدم ما يرجحه ولا مالا يجعله مساويا وجمهور القراء على النصب ولم يكونوا ليقرؤا بغير الراجح أو المساوي إذ زيد ضربته بالرفع أرجح من زيدا ضربته فلذلك كان ارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف في تلك القراءة راجحا وأنت تعلم أن قوله تعالى : قل تمتعوا فان مصيركم الى النار يرجح التفسير السابق وبئس القرار .
92 .
- على حذف المخصوص بالذم أي بئس القرار هي أي جهنم أو بئس القرار قرارهم فيها وفيه بيان أن حلولهم وصليهم على وجه الدوام والاستمرار وجعلوا عطف على أحلوا أو ماعطف عليه داخل معه في حيز الصلة وحكم التعجيب أي جعلوا في اعتقادهم وحكمهم لله الفرد الصمد الذي ليس كمثله شيء وهو الواحد القهار أندادا أمثالا في التسمية أو في العبادة وقال الراغب : ند الشيء مشاركه في جوهره وذلك ضرب من المماثلة فان المثل يقال في أي مشاركة كانت فكل ند مثل وليس كل مثل ندا ولعل المعول عليه هنا ماأشرنا اليه .
ليضلوا قومهم الذين يشايعونهم حسبما ضلوا عن سبيله القويم الذي هو التوحيد وقيل : مقتضى ظاهر النظم الكريم أن يذكر كفرانهم نعمة الله تعالى ثم كفرانهم بذاته سبحانه باتخاذ الانداد ثم إضلالهم لقومهم المؤدي إلى إحلالهم دار البوار ولعل تغيير الترتيب لتثنية التعجيب وتكريره والايذان بأن كل واحد هذه الهنات يقضي منه العجب ولو سيق النظم على نسق الوجود لربما فهم التعجيب من المجموع وله نظائر في الكتاب الجليل وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ورويس عن يعقوب ليضلوا بفتح الياء والظاهر أن اللام في القراءتين مثلها في قوله تعالى : فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا وذلك أنه لما كان الاضلال أو الضلال نتيجة للجعل المذكور شبه بالغرض والعلة الباعثة فاستعمل له حرفه على سبيل الاستعارة التبعية قاله غير واحد وقيل عليه : إن كون الضلال نتيجة للجعل لله سبحانه اندادا غير ظاهر إذ هو متحد معه أو لازم لاينفك عنه إلا أن يراد الحكم به أو دوامه ورد بأنهم مشركون لايعتقدون أنه ضلال بل يزعمون أنه اهتداء فقد ترتب على اعتقادهم ضده على أن المراد بالنتيجة مايترتب على الشيء أعم من أن يكون من لوازمه أولا وفيه تأمل قل لأولئك الضلال المتعجب منهم تمتعوا بما أنتم عليه من الشهوات التي من جملتها تبديل نعمة الله تعالى كفرا واستتباع الناس في الضلال وجعل ذلك متمتعا به تشبيها له بالمشتهيات المعروفة لتلذذهم به كتلذذهم بها وفي التعبير بالأمر كما قال الزمخشري إيذان بأنهم لانغماسهم بالتمتع بما هم عليه وأنهم لايعرفون غيره ولايريدونه مأمورون به قد أمرهم آمر مطاع لايسعهم ان يخالفوه ولا يملكون لأنفسهم أمرا دونه وهو آمر الشهوة وعلى هذا يكون قوله تعالى : فان مصيركم إلى النار .
3 .
- جواب شرط ينسحب عليه الكلام على ما أشار اليه بقوله : والمعنى أن دمتم على ما انتم عليه من الامتثال لأمر الشهوة فان مصيركم الى النار ويجوز أن يكون الأمر مجازا عن التخلية والخذلان وأن ذلك الآمر متسخط إلى غاية ومثاله أن ترى الرجل قد عزم على أمر وعندك أن ذلك الأمر خطأ وأنه يؤدي إلى ضرر عظيم فتبالغ في نصحه واستنزاله