ولا حاجة إلى القول بأنها شجرة كذا أو كذا فان الشجرة الجامعة لتلك الصفات وإن لم تكن موجودة الا أنها إذا كانت معلومة الصفة كان التشبيه بها نافعا في المطلوب .
والثانية اجتثاثها من فوق الارض وهذه في مقابلة أصلها ثابت في الاول .
والثالثة نفى أن يكون لها قرار وهذه كالمتممة للصفة الثانية والمراد بالكلمة المشبهة بذلك الجهل بالله تعالى والاشراك به سبحانه فانه أول الآفات وعنوان المخافات ورأس الشقاوات فخبثه أظهر من أن يخفى وليس له حجة ولاثبات ولا قوة بل هو داحض غير ثابت اه وهو كلام حسن لكن فيه مخالفة لظواهر كثير من الآثار فتأمل يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت الذي ثبت عندهم وتمكن في قلوبهم وهو الكلمة الطيبة التي ذكرت صفتها العجيبة والظاهر أن الجار متعلق بتثبيت وكذا قوله سبحانه : في الحياة الدنيا أي يثبتهم بالبقاء على ذلك مدة حياتهم فلا يزالون إذا قيض لهم من يفتنهم ويحاول زللهم عنه كما جرى لأصحاب الاخدود ولجرجيس وشمسون وكما جرى لبلال وكثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم ورضى الله تعالى عنهم وفي الآخرة أي بعد الموت وذلك في القبر الذي هو أول منزل من منازل الآخرة وفي مواقف القيامة فلا يتلعثمون إذا سئلوا عن معتقدهم هناك ولا تدهشهم الاهوال وأخرج ابن أبي شيبة عن البراء بن عازب أنه قال في الآية : التثبيت في الحياة الدنيا إذا جاء الملكان إلى الرجل في القبر فقالا له : من ربك قال : ربي الله قالا : وما دينك قال : ديني الاسلام قالا : ومن نبيك قال : نبي محمد A وعلى هذا فالمراد من الآخرة يوم القيامة وأخرج الطبراني في الاوسط وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله A يقول في هذه الاية : يثبت الله الخ في الآخرة القبر وعلى هذا فالمراد بالحياة الدنيا مدة الحياة وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء واختاره الطبرى نعم اختار بعضهم ان الحياة الدنيا مدة حياتهم والآخرة يوم القيامة والعرض وكان الداعي لذلك عموم الذين آمنوا وشمولهم لمؤمني الامم السابقة مع عدم عموم سؤال القبر وجوز تعلق الجار الأول بآمنوا على معنى آمنوا بالتوحيد الخالص فوحدوه ونزهوه عما لايليق بجنابه سبحانه وكذا جوز تعلق الجار الثاني بالثابت ومن الناس من زعم أن التثبيت في الدنيا الفتح والنصر وفي الآخرة الجنة والثواب ولا يخفى أن هذا مما لايكاد يقال وأمر تعلق الجارين ما قدمنا وهذا عند بعضهم مثال إيتاء الشجرة أكلها كل حين ويضل الله الظالمين أي يخلق فيهم الضلال عن الحق الذي ثبت المؤمنين عليه حسب ارادتهم واختيارهم الناشيء عن سوء استعدادهم والمراد بهم الكفرة بدليل مقابلتهم بالذين آمنوا ووصفهم بالظلم إما باعتبار وضعهم للشيء في غير موضعه وإما باعتبار ظلمهم لأنفسهم حيث بدلوا فطرة الله تعالى التي فطر الناس عليها فلم يهتدوا إلى القول الثابت أو حيث قلدوا أهل الضلال وأعرضوا عن البينات الواضحة واضلالهم على ماقيل في الدنيا أنهم لايثبتون في مواقف الفتن وتزل أقدامهم أول شيء وهم في الآخرة أضل وازل واخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن الكافر إذا حضره الموت تنزل عليه الملائكة عليهم السلام يضربون وجهه ودبره فاذا دخل قبره اقعد فقيل له : من ربك فلم يرجع اليهم شيئا وانساه الله تعالى ذكر ذلك وإذا قيل له : من