أحكم وفرغ منه وهو الحساب ودخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار خطيبا في محفل الاشقياء من الثقلين .
أخرج ابن جرير وغيره عن الحسن قال : إذا كان يوم القيامة قام ابليس خطيبا على منبر من نار فقال : إن الله وعدكم وعد الحق إلى آخره وعن مقاتل أن الكفار يجتمعون عليه في النار باللائمة فيرقى منبرا من نار فيقول ذلك وفي بعض الآثار ماهو ظاهر في أن في الموقف فقد أخرج الطبراني وابن المبارك في الزهد وابن جرير وابن عساكر لكن بسند ضعيف من حديث عقبة بن عامر يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن الكفار حين يروا شفاعة النبي A للمؤمنين يأتون ابليس فيقولون له قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فقم أنت فأشفع لنا فانك أنت أضللتنا فيقوم فيثور من مجلسه أنتن ريح شمها أحد فيقول ما قص الله تعالى .
ومعنى وعد الحق وعدا من حقه أن ينجز أو وعدا نجز وهو الوعد بالبعث والجزاء وقيل : أراد الحق ماهو صفته تعالى أي ان الله تعالى وعدكم وعده الذي لايخلف والظاهر أنه صفة الوعد وفي الآية على الاول ايجاز أي أن الله سبحانه وعدكم وعد الحق فوفاكم وأنجزكم ذلك ووعدتكم وعد الباطل وهو أن لابعث ولا حساب ولئن كانا فالاصنام تشفع لكم فأخلفتكم موعدي أي لم يتحقق ماأخبرتكم به وظهر كذبه وقد استعير الاخلاف لذلك ولو جعل مشاكلة لصح وما كان لي عليكم من سلطان أي تسلط أو حجة تدل على صدقي إلا أن دعوتكم أي الا دعائي إياكم إلى الضلالة وهذا وإن لم يكن من جنس السلطان حقيقة لكنه أبرزه في مبرزه وجعله منه ادعاء فلذا كان الاستثناء متصلا وهو من تأكيد الشيء بضده كقوله : وخيل قد دلفت لها بخيل تحية بينهم ضرب وجيع وهو من التهكم لا من باب الاستعارة أو التشبيه أو غيرهما على ما حقق في موضعه فان لن يعتبر فيه التهكم والادعاء يكون الاستثناء منقطعا على حد قوله : وبلدة ليس بها أنيس الا اليعافير والا العيس والى الانقطاع ذهب أبو حيان وقال : إنه الظاهر وجوز الامام القول بالاتصال من غير اعتبار الادعاء ووجه ذلك بأن القدرة على حمل الانسان على الشيء تارة تكون بالقهر من الحامل وتارة تكون بتقوية الداعية في قلبه بالقاء الوسواس اليه وهذا نوع من أنواع التسلط فكأنه قال : ما كان لي تسلط عليكم الا بالوسوسة لا بالضرب ونحوه فاستجبتم لي أي أسرعتم اجابتي كما يؤذن بذلك الفاء وقيل : يستفاد الاسراع من السين لأن الاستجابة وان كانت بمعنى الاجابة لكن عدا ذلك من التجريد وأنهم كأنهم طلبوا ذلك من أنفسهم فيقتضي السرعة وفيه بعد فلا تلوموني بوعدي اياكم حيث لم يكن على طريق القسر والالجاء كما يدل عليه الفاء وقيل : بوسوستي فان من صرح بالعداوة وقال : لأقعدن لهم صراطك المستقيم لايلام بأمثال ذلك وقريء فلا يلوموني بالياء على الالتفات ولوموا أنفسكم حيث استجبتم لي باختياركم الناشيء عن سوء استعدادكم حين دعوتكم بلا حجة ولا دليل بل بمجرد تزيين وتسويل ولم تستجيبوا لربكم اذ دعاكم دعوة الحق المقرونة بالبينات والحجج وليس مراد اللعين التنصل عن توجه اللائمة اليه بالمرة بل بيان أنهم أحق بها منه وفي الكشاف أن في هذه الآية دليلا على أن الانسان هو الذي يختار الشقاوة والسعادة