ضللنا فضللناكم أي أخترنا لكم مااخترنا لأنفسنا وحاصله على ماقيل : إن ما كان منا في حقكم هو النصح لكن قصرنا في رأينا وقال الزمخشري : إنهم وركوا الذنب في ضلالهم واضلالهم على الله تعالى وكذبوا في ذلك ويدل على وقوع الكذب من أمثالهم يوم القيامة قوله تعالى حكاية عن المنافقين : يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء وقد خالف في ذلك أصول مشايخه لأنهم لايجوزون صدور الكذب عن أهل القيامة فلا يقبل منه وجوز أن يكون المعنى لو كنا من أهل اللطف فلطف بنا ربنا واهتدينا لهديناكم إلى الإيمان ونقل ذلك القاضي وزيفه كما ذكره الامام وقيل : المعنى لو هدانا الله تعالى إلى الرجعة إلى الدنيا فنصلح ماأفسدناه لهديناكم وهو كما ترى وقال الجياني وأبو مسلم : المراد لو هدانا الله تعالى إلى طريق الخلاص من العقاب والوصول إلى النعيم والثواب لهديناكم إلى ذلك وحاصله لو خلصنا لخلصناكم أيضا لكن لامطمع فيه لنا ولكم قال الامام : والدليل على أن المراد من الهدى هو هذا أنه الذي طلبوه والتمسوه .
سواء علينا أجزعنا مما لقينا أم صبرنا على ذلك و سواء اسم بمعنى الاستواء مرفوع على الخبرية للفعل المذكور بعده لأنه مجرد عن النسبة والزمان فحكمه حكم المصدر والهمزة و أم قد جردتا عن الاستفهام لمجرد التسوية ولذا صارت الجملة خبرية فكأنه قيل : جزعنا وصبرنا سواء علينا أي سيان وإنما أفرد الخبر لأنه مصدر في الاصل وقال الرضي في مثله : إن سواء خبر مبتدأ محذوف أي الامران سواء ثم بين الامران بقولهم : أجزعنا أم صبرنا وما قيل : من أن سواء خبر مبتدأ محذوف والجملة جزاء للجملة المذكورة بعد لتضمنها معنى الشرط وإفادة همزة الاستفهام معنى إن لاشتراكهما في الدلالة على عدم الجزم والتقدير إن جزعنا أم صبرنا فالامران سيان فتكلف كما لايخفى والجزع حزن يصرف عما يراد فهو حزن شديد وفي البحر هو عدم احتمال الشدة فهو نقيض الصبر وإنما أسندوا كلا من الجزع والصبر واستوائهما إلى ضمير المتكلك المنتظم للمخاطبين أيضا مبالغة في النهي عن التوبيخ باعلامهم أنهم شركاء لهم فيما ابتلوا به وتسلية لهم .
وجوز أن يكون هذا من كلام الفريقين فهو مردود إلى ماسيق له الكلام وهم الفريقان ولانظر إلى القرب كما قيل في قوله تعالى : ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأيد ذلك بما أخرجه ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن كعب بن مالك رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فيما يظن أنه قال : يقول أهل النار : هلموا فلتصبروا فيصبرون خمسمائة عام فلما رأوا ذلك لاينفعهم قالوا : هلموا فلنجزع فيبكون خمسمائة عام فلما رأوا ذلك لاينفعهم قالوا : سواء علينا أجزعنا أم صبرنا الآية وإلى كون هذه المحاورة بين الضعفاء والمستكبرين في النار ذهب بعضهم ميلا لظواهر الاخبار .
واستظهر أبو حيان أنها في موضع العرض وقت البروز بين يدي الله تعالى وقول الاتباع : فهل أنتم مغنون عنا جزع منهم وكذا جواب الرؤساء باعترافهم بالضلال واحتمال أنه من كلام الأولين فقط خلاف الظاهر جدا وقوله تعالى : مالنا من محيص .
12 .
- جملة مفسرة لا جمال مافيه لاستواء فلا محل لها من الاعراب أو حال مؤكدة أو بدل منه والمحيص من حاص حاد وفر وهو إما أسم مكان كالمبيت والمصيف أو مصدر ميمي كالمغيب والمشيب والمعنى ليس لنا محل ننجوا فيه من عذابه أو لانجاة لنا من ذلك وقال الشيطان الذي أضل كلا الفريقين واستتبعهما عندما عتباه وقرعاه على نمط الاتباع للرؤساء لما قضي الأمر أي