اسم جمع لذلك ولم يذكر كونه جمعا في البحر أو هو مصدر نعت به مبالغة أو بتأويل أو بتقدير مضاف أي تابعين أو ذوي تبع وبه على سائر الاحتمالات يتعلق الجار والمجرور والتقديم للحصر أي تبعا لكم لا لغيركم .
وقيل : المعنى انا تبع لكم لا لرأينا ولذا سماهم الله تعالى ضعفاء ولا يلزم منه كون الرؤساء اقوياء الرأي حيث ضلوا وأضلوا ولو حمل الضعف على كونهم تحت أيديهم وتابعين لهم كان أحسن وليس بذاك .
فهل أنتم مغنون عنا استفهام أريد به التوبيخ والتقريع والفاذ للدلالة على سببية الاتباع للاغناء وهو من الغناء بمعنى الفائدة وضمن معنى الدفع ولذا عدى بعن أي أنا اتبعناكم فيما كنتم فيه من الضلال فهل أنتم اليوم دافعون عنا من عذاب الله من شيء أي بعض الشيء الذي هو عذاب الله تعالى بناء على ماقيل : ان من الثانية للتبعيض واقعة موقع المفعول للوصف السابق والأولى للبيان وهي واقعة موقع الحال من مجرور الثانية لأنها لو تأخرت كانت صفة له وصفة النكرة إذا قدمت أعربت حالا واعترض هذا الوجه بأن فيه تقديم من البيانية على ما تبينه وهو لايجوز وكذا تقديم الحال على صاحبها المجرور .
وأجيب بأن في كل من هذين الأمرين اختلافا وقد أجاز جماعة تقديم من البيانية وصحح ذلك لأنه إنما يفوت بالتقديم الوصفية لا البيانية وكذا أجاز كثير كابن كيسان وغيره تقديم الحال على صاحبها المجرور فلعل الذاهب إلى هذا الوجه في الآية يرى رأي المجوزين لكل من التقديمين .
وقال بعض المدققين : جاز تقديم هذه الحال لأنها في الحقيقة عما سد مسده من شيء أعنى بعض لا عن المجرور وحده وفيه من البعد مالايخفى وجوز أن تكون الأولى والثانية للتبعيض والمعنى هل أنتم مغنون عنا بعض شيء هو بعض عذاب الله تعالى والاعراب كما سبق واختار بعضهم على هذا كون الحال عما سد مسده من شيء إذ لو جعل حالا عن المجرور لآل الكلام إلى هل أنتم مغنون عنا بعض بعض عذاب الله تعالى ولا معنى له وفيه أنه يفيد المبالغة في عدم الغناء كقولهم : أقل من القليل فنفى المعنى لامعنى له ولايصح الالغاء إذ لايصح أن يتعلق بفعل ظرفان من جنس دون ملابسة بينهما تصحح التبعية وجعل الثاني بدلا من الأول يأباه كما في الكشف اللفظ والمعنى وقد تعقب أبو حيان توجيه التبعيض في المكانين كما سمعت بأن ذلك يقتضي البداية فيكون بدل عام من خاص لأن من شيء اعم من قوله : من عذاب وهذا لايقال : لأن بعضية الشيء مطلقة فلا يكون لها بعض ومما ذكرنا يعلم مافيه .
وجوز أن تكون الأولى مفعولا والثانية صفة مصدر سادة مسده والشيء عبارة عن اغناء ما أي فهل أنتم مغنون عنا بعض عذاب الله بعض الاغناء وتعقب بأنه يلزم على هذا أن يتعلق بعامل ظرفان الى آخر ماسمعت آنفا وفيه نظر لأنه لكون أحدهما في تأويل المفعول به والآخر في تأويل المفعول المطلق صح التعلق ولم يكونا من جنس واحد وقد يقال : إن تقييد الفعل الثاني بعد اعتبار تقييده بالاول فليس العامل واحدا .
ونص الحوفي وأبو البقاء على أن من الثانية زائدة للتوكيد وسوغ زيادتها تقدم الاستفهام الذي هو هنا في معنى النفي و من عذاب الله اما متعلق بمغنون أو متعلق بمحذوف وقع حالا من شيء أي شيئا كائنا من عذاب الله تعالى أو مغنون من عذاب الله تعالى غناء ما قالوا أي المتكبرون جوابا عن توبيخ الضعفاء وتقريعهم واعتذارا عما فعلوا بهم : لو هدانا الله الى الايمان ووفقنا له لهديناكم ولكن