سأشكر عمرا إن تراخت منيتي أيادي لم تمنن وان هي جلت وبأن الرد والافواه يناسب اراده الجارحة وقال أبو عبيدة الضميران للكفار والكلام ضرب مثل أي لم يؤمنوا ولم يجيبوا والعرب تقول للرجل اذا سكت عن الجواب وأمسك رد يده في فيه ومثله عن الاخفش .
وتعقبه القتبي بأنا لم نسمع أحدا من العرب يقول رد فلان يده في فيه اذا سكت وترك ماأمر به وفيه أنهما سمعا ذلك ومن سمع حجة على من لم يسمع قال أبو حيان : وعلى ماذكراه يكون ذلك من مجاز التمثيل كأن الممسك عن الجواب الساكت عنه وضع يده على فيه ورده الطبري بأنهم قد أجابوا بالتكذيب لأنهم قالوا : أنا كفرنا الى آخره وأجيب بأنه يحتمل أن يكون مراد القائل أنهم أمسكوا وسكتوا عن الجواب المرضي الذي يقتضيه مجيء الرسل عليهم السلام اليهم بالبينات وهو الاعتراف والتصديق وقال ابن عطية : الضميران للكفار ويحتمل أن يتجوز في الايدي ويراد منها مايشمل أنواع المدافعة والمعنى ردوا جميع مدافعتهم في أفواههم أي الى ماقالوا بأفواههم من التكذيب وحاصله أنهم لم يجدوا ما يدفعون به كلام الرسل عليهم السلام سوى التكذيب المحض وعبر عن جميع المدافعة بالأيدي اذ هي موضع أشد المدافعة والمرادة .
وقيل : المراد أنهم جعلوا أيديهم في محل ألسنتهم على معنى أنهم آذوا الرسل عليهم السلام بألسنتهم نحو الايذاء بالايدي والذي يطابق المقام وتشهد له بلاغة التنزيل هو الوجه الاول ونص غير واحد على أنه الوجه القوي لأنهم لما حاولوا الانكار على الرسل عليهم السلام كل الانكار جمعوا في الانكار بين الفعل والقول ولذا أتى بالفاء تنبيها على أنهم لم يمهلوا بل عقبوا دعوتهم بالتكذيب وصدروا الجملة بان ويلي ذلك على مافي الكشف الوجه الثاني ولا يخفى مافي أكثر الوجوه الباقية فتأمل وإنا لفي شك عظيم مما تدعونا اليه من الايمان والتوحيد وبهذا وتفسير ما أرسلتم به بما ذكر أولا يندفع مايتوهم من المنافاة بين جزمهم بالكفر وشكهم هذا وقيل في دفع ذلك على تقدير كون متعلقي الكفر والشك واحدا : إن الواو بمعنى أو أي أحد الأمرين لازم وهو أنا كفرنا جزما بما ارسلتم به فان لم نجزم فلا أقل من أن نكون شاكين فيه وأيا ما كان فلاسبيل إلى الاقرار والتصديق وقيل : ان الكفر عدم الايمان عمن هو من شأنه فكفرنا بمعنى لم نصدق وبذلك فسره ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وذلك لا ينافي الشك وفي البحر أنهم بادروا أولا إلى الكفر وهو التكذيب المحض ثم أخبروا أنهم في شك وهو التردد كأنهم نظروا بعض نظر اقتضى ان انتقلوا من التكذيب المحض الى التردد أوهما قولان من طائفتين طائفة بادرت بالتكذيب والكفر وأخرى شكت والشك في مثل ما جاءت به الرسل عليهم السلام كفر وهذا أولى من قرينه وقرأ طلحة مما تدعونا بادغام نون الرفع في نون الضمير كما تدغم في نون الوقاية في نحو أتحاجوني .
مريب .
9 .
- أي موقع في الريبة من أرابني بمعنى أوقعني في ريبة أو ذي ريبة من أراب صار ذا ريبة وهي قلق النفس وعدم اطمئنانها بالشيء وهو صفة توكيدية قالت رسلهم استئناف مبني على سؤال ينساق اليه المقام كأنه قيل : فماذا قالت لهم رسلهم حين قابلوهم بما قابلوهم به فأجيب بأنهم قالوا منكرين عليهم