ومتعجبين من مقالتهم الحمقاء : أفي الله شك بتقديم الظرف وإدخال الهمزة عليه للايذان بأن مدار الانكار ليس نفس الشك بل وقوعه فيمن لايكاد يتوهم فيه الشك أصلا ولولا هذا القصد لجاز تقديم المبتدأ والقول بأنه ليس كذلك خطأ لأن وقوع النكرة بعد الاستفهام مسوغ للابتداء بها وهو مما لاشك فيه وكون ذلك المؤخر مبتدأ غير متعين بل الأرجح كونه فاعلا بالظرف المعتمد على الاستفهام كما ستعلم ان شاء الله تعالى والكلام على تقدير مضاف على ماقيل أي أفي وحدانية الله تعالى شك بناء على أن المرسل اليهم لم يكونوا دهرية منكرين للصانع بل كانوا عبدة أصنام وقيل : يقدر في شأن الله ليعم الوجود والوحدة لأن فيهم دهرية ومشركين وقيل : يقدر حسب المخاطبين وتقدير الشأن مطلقا ذو شأن وفي عدم تطبيق الجواب على كلام الكفرة بأن يقولوا : أأنتم في شك مريب من الله تعالى مبالغة في تنزيه ساحة الجلال عن شائبة الشك وتسجيل عليهم بسخافة العقول أي أفي شأنه تعالى شأنه من وجوده ووحدته ووجوب الايمان به وحده شك ما وهو أظهر من كل ظاهر وأجلى من كل جلي حتى تكونوا من قبله سبحانه في شك عظيم مريب وحيث كان مقصدهم الأقصى الدعوة إلى الايمان والتوحيد وكان إظهار البينات وسيلة إلى ذلك لم يتعرضوا للجواب عن قولهم : أنا كفرنا إلى آخره واقتصروا على بيان ماهو الغاية القصوى وقد يقال : إنهم عليهم السلام قد اقتصروا على انكار ماذكر لأنه يعلم منه إنكار وقوع الجزم بالكفر به سبحانه من باب أولى .
فاطر السموت والارض أي مبدهما وما فيهما من المصنوعات على نظام أنيق شاهد بتحقق ماأنتم في شك منه .
وفي الآية كما قيل إشارة إلى دليل التمانع وجر فاطر على أنه بدل من الاسم الجليل أو صفة له وحيث كان شك فاعلا بالظرف وهو كالجزء من عامله لايعد أجنبيا فليس هناك فصل بين التابع والمتبوع بأجنبي وبهذا رجحت الفاعلية على المبتدئية لأن المبتدأ ليس كذلك نعم إلى الابتدائية ذهب أبو حيان وقال : إنه لايضر الفصل بين الموصوف وصفته بمثل هذا المبتدأ فيجوز أن تقول : في الدار زيد الحسنة وإن كان أصل التركيب في الدار الحسنة زيد .
وقرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما فاطر نصبا على المدح ثم انه بعد أن أشير إلى الدليل الدال على تحقق ماهم في شك منه نبه على عظم كرمه ورحمته تعالى فقيل : يدعوكم أي الى الايمان بارساله ايانا لا أنا ندعوكم اليه من تلقاء أنفسنا كما يوهم قولكم مما تدعوننا اليه ليغفر لكم بسببه فالمدعو اليه غير المغفرة وتقدير الايمان لقرينه ماسبق ويحتمل أن يكون المدعو اليه المغفرة لا لأن اللام بمعنى إلى فانه من ضيق العطن بل لأن معنى الاختصاص ومعنى الانتهاء كلاهما واقعان في حاق الموقع فكأنه قيل : يدعوكم إلى المغفرة لأجلها لا لغرض آخر وحقيقته ان الأغراض غايات مقصودة تفيد معنى الانتهاء وزيادة قاله : في الكشف وهذا نظير قوله : دعوت لما نابني مسورا فلبى 1 فلبى يدي مسور