لأزيدنكم في الثواب وعن الحسن وسفيان الثوري أن المعنى لئن شكرتم انعامي لأزيدنكم من طاعتي والكل خلاف الظاهر وذكر الامام أن حقيقة الشكر الاعتراف بنعمة المنعم مع تعظيمه وبيان زيادة النعم به أن النعم منها روحانية ومنها جسمانية والشاكر يكون أبدا في مطالعة أقسام نعم الله تعالى وأنواع فضله وكرمه وذلك يوجب تأكد محبة الله تعالى المحسن عليه بذلك ومقام المحبة اعلى مقامات الصديقين ثم قد يترقى العبد من تلك الحالة الى أن يكون حبه للمنعم شاغلا له عن الالتفات الى النعمة وهذه اعلى وأغلى فثبت من هذا أن الاشتغال بالشكر يوجب زيادة النعم الروحانية وكونه موجبا لزيادة النعم الجسمانية فللاستقراء الدال على أن كل من كان اشتغاله بالشكر أكثر كان وصول النعم اليه أكثر وهو كما ترى ولئن كفرتم ذلك وغمطتموه ولم تشكروه كما تدل عليه المقابلة وقيل : المراد بالكفر ما يقابل الايمان كأنه قيل : ولئن أشركتم إن عذابي لشديد .
7 .
- فعسى يصيبكم منه ما يصيبكم ومن عادة الكرام غالبا التصريح بالوعد والتعريض بالوعيد فما ظنك بأكرم الاكرمين فلذا لم يقل سبحانه : إن عذابي لكم لأعذبنكم كما قال جل وعلا : لأزيدنكم .
وجوز أن يكون المذكور تعليلا للجواب المحذوف أي لأعذبنكم وبين الامام وجه كون كفران النعم سببا للعذاب انه لايحصل الكفران الا عند الجهل بكون تلك النعمة من الله تعالى والجاهل بذلك جاهل بالله تعالى والجهل به سبحانه من أعظم أنواع العذاب والآية مما اجتمع فيها القسم والشرط فالجواب ساد مسد جوابيهما والجملة إما مفعول لتأذن لأنه ضرب من القول أو مفعول قول مقدر منصوب على الحال ساد معموله مسده أي قائلا لئن شكرتم الخ وهذان مذهبان مشهوران للكوفية والبصرية في أمثال ذلك .
واستدل بالآية على أن شكر المنعم واجب وهو مما أجمع عليه السنيون والمعتزلة الا أن الأولين على وجوبه شرعا والاخرين على وجوبه عقلا وهو مبني على قولهم بالحسن والقبح العقليين وقد هد أركانه أهل السنة على أنه لو قيل به لم يكد يتم لهم الاستدلال بذلك في هذا المقام كما بين في محله وقال موسى لهم : إن تكفروا نعمه سبحانه ولم تشكروها أنتم يابني إسرائيل ومن في الأرض من الناس وقيل من الخلائق جميعا لم يتضرر هو سبحانه وإنما يتضرر من يكفر فان الله لغني عن شكركم وشكرهم حميد .
8 .
- مستوجب للحمد بذاته تعالى لكثرة ما يوجبه من أياديه وان لم يحمده أحد أو محمود تحمده الملائكة عليهم السلام بل كل ذرة من ذرات العالم ناطقة بحمده والحمد حيث كان بمقابلة النعمة وغيرها من الفضائل كان أدل على كماله جل وعلا وهو تعليل لما حذف من جواب إن تكفروا كما أشرنا اليه ثم ان موسى عليه السلام بعد أن ذكرهم أولا بنعمائه تعالى عليهم صريحا وضمنه بذكر ما أصابهم من الضراء وأمرهم ثانيا بذكرى ماجرى منه سبحانه من الوعد بالزيادة على الشكر والوعيد بالعذاب على الكفر وحقق لهم مضمون ذلك وحذرهم من عند نفسه عن الكفران ثالثا لما رأى منهم ما يوجب ذلك شرع في الترهيب بتذكير ما جرى على الامم الدارجة فقال : ألم يأتكم نبؤا الذين من قبلكم ليتدبروا ما أصاب كل واحد من حزبي المؤمن والكافر فيتم له عليه السلام مقصوده منهم وجوز أن يكون من تتمة قوله عليه