الفرج المقتضي للشكر وقيل : لأنه من قبيل التروك يقال : صبرت الدابة إذا حبستها بلا علف والشكر ليس كذلك فانه كما قال الراغب تصور النعمة وإظهارها قيل : وهو مقلوب الكشر أي الكشف وقيل : أصله من عين شكرى أي ممتلئة فالشكر على هذا هو الامتلاء من ذكر المنعم عليه وهو على ثلاثة أضرب : شكر القلب وشكر اللسان وشكر الجوارح وذكر أن توفية شكر الله تعالى صعبة ولذلك لم يثن سبحانه بالشكر على أحد من أوليائه إلا على اثنين نوح 1 وإبراهيم 2 عليهما السلام وقد يكون انقسام الشكر على النعمة وعدم انقسام الصبر على النقمة وجها للتقديم والتأخير وقيل : ذلك لتقدم متعلق الصبر أعني البلاء على متعلق الشكر أعني النعماء .
وإذ قال موسى شروع في بيان تصديه عليه السلام لما أمر به من التذكير للاخراج المذكور وإذ منصوب على المفعولية عند كثير بمضمر خوطب به النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وتعليق الذكر بالوقت مع أن المقصود تذكير ماوقع فيه من الحوادث لما مر غير مرة أي أذكر لهم وقت قوله عليه السلام لقومه الذين أمرناه باخراجهم من الظلمات إلى النور اذكروا نعمة الله تعالى الجليلة عليكم وبدأ عليه السلام بالترغيب لأنه عند النفس أقبل وهي اليه أميل وقيل : بدأ بهذا الأمر لما بينه وبين آخر الكلام السابق من مزيد الربط ولا يخفى أن هذا إنما هو على تقدير أن يكون عليه السلام مأمورا بالترغيب والترهيب أما إذا كان مأمورا بالترغيب فقط فلا سؤال والظرف متعلق بنفس النعمة ان جعلت مصدرا بمعنى الانعام أو بمحذوف وقع حالا منها إن جعلت اسما اي اذكروا انعامه عليكم أو نعمته كائنة عليكم و اذ في قوله سبحانه : إذ أنجاكم من ءال فرعون يجوز أن يتعلق بالنعمة أيضا على تقدير جعلها مصدرا أي اذكروا انعامه عليكم وقت انجائكم ويجوز أن يتعلق بكلمة عليكم إذا كانت حالا لا ظرفا لغوا للنعمة لأن الظرف المستقر لنيابته عن عامله يجوز أن يعمل عمله أو هو على هذا معمول لمتعلقه كأنه قيل : اذكروا نعمة الله تعالى مستقرة عليكم وقت إنجائكم ويجوز أن يكون بدل اشتمال من نعمة الله مرادا بها الانعام أو العطية المنعم بها يسومونكم يبغونكم من سامه خسفا إذا أولاه ظلما وأصل السوم كما قال الراغب الذهاب في طلب الشيء فهو لفظ لمعنى مركب من الذهاب والطلب فأجرى مجرى الذهاب في قولهم : سامت الابل فهي سائمة ومجرى الطلب في قولهم : سمته كذا سوء العذاب مفعول ثان ليسومونكم والسوء مصدر ساء يسوء والمراد جنس العذاب السيء أو استبعادهم واستعمالهم في الأعمال الشاقة والاستهانة بهم وغير ذلك .
وفي أنوار التنزيل أن المراد بالعذاب ههنا غير المراد به سورة البقرة والاعراف لأنه مفسر بالتذبيح والتقتيل ثم ومعطوف عليه التذبيح المفاد بقوله تعالى : ويذبحون أبناءكم ههنا وفيه اشارة الى وجه العطف وتركه مع أن القصة واحدة وحاصل ذلك أنه حيث طرح الواو قصد تفسير العذاب وبيانه فلم يعطف لما بينهما من كمال الاتصال وحيث عطف لم يقصد ذلك والعذاب ان كان المراد به الجنس فالتذبيح لكونه أشد