وأخرج النسائي وعبدالله بن أحمد في زوائد المسند والبيهقي في شعب الايمان وغيرهم عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه فسر الأيام في الآية بنعم الله تعالى وآلائه وروى ذلك ابن المنذر عن ابن عباس ومجاهد وجعل أبو حيان من ذلك بيت عمرو والأظهر فيه ماذكره الطبرسي .
وأنت تعلم أنه إن صح الحديث فعليه الفتوى لكن ذكر شيخ الاسلام في ترجيح التفسير المروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أولا على ماروى ثانيا بأنه يرد الثاني ماتصدى له عليه السلام بصدد الامتثال من التذكير بكل من السراء والضراء مما جرى عليهم وعلى غيرهم حسبما يتلى بعد وهو يبعد صحة الحديث والقول بأن النقم بالنسبة إلى قوم نعم بالنسبة إلى آخرين كما قيل : .
مصائب قوم عند قوم فوائد .
مما لاينبغي أن يلتفت اليه عاقل في هذا المقام نعم ان قوله تعالى : اذكروا نعمة الله عليكم ظاهر في تفسير الايام بالنعم وما يستدعي غير ذلك ستسمع فيه أقوالا لايستدعيه على بعضها .
وزعم بعضهم أن المراد من قومه عليه السلام القبط والظلمات والنور الكفر والايمان لاغير وقيل : قومه عليه السلام القبط وبنو إسرائيل وكان عليه السلام مبعوثا اليهم جميعا إلا أنه بعث إلى القبط بالاعتراف بوحدانية الله تعالى وأن لايشركوا به سبحانه شيئا وإلى بني إسرائيل بذلك وبالتكليف بفروع الشريعة .
وقيل : هم بنو إسرائيل فقط إلا أن المراد من الظلمات والنور إن كانوا كلهم مؤمنين ظلمات ذل العبودية ونور عزة الدين وظهور أمر الله تعالى ونحن نقول : نسأل الله تعالى أن يخرجنا وأهل هذه الأقوال من ظلمات الجهل إلى نور العلم إن في ذلك أي في التذكير بأيام الله تعالى أو في الأيام لآيات عظيمة أو كثيرة دالة على وحدانية الله تعالى وقدرته وعلمه وحكمته وهي على الأول الأيام ومعنى كون التذكير ظرفا لها كونه مناطا لظهورها وعلى الثاني كذلك أيضا إلا أن كلمة في تجريدية أو هي عليه كل واحدة من النعماء والبلاء والمشار اليه المجموع المشتمل عليها من حيث هو مجموع وجوز أن يراد بالأيام فيما سبق أنفسها المنطوية على النعم والنقم فاذا كانت الاشارة اليها وحملت الآيات على النعماء والبلاء فأمر الظرفية ظاهر لكل صبار كثير الصبر على بلائه تعالى شكور .
5 .
- كثير الشكر لنعمائه D .
وقيل : المراد لكل مؤمن فعلى الأول الوصفان عبارتان لمعنيين وعلى هذا عبارة عن معنى واحد على طريق الكناية كحي مستوى القامة بادي البشرة في الكناية عن الانسان والتعبير عن المؤمن بذلك للأشعار بأن الصبر والشكر عنوان المؤمن الدال على مافي باطنه والمراد على ماقيل لكل من يليق بكمال الصبر والشكر أو الايمان ويصير أمره إلى ذلك لا لمن اتصف به بالفعل لأن الكلام تعليل للأمر بالتذكير المذكور السابق على التذكير المؤدى إلى تلك المرتبة فان من تذكر ما فاض أو نزل عليه أو على ماقبله من النعمة والنقمة وتنبه لعاقبة الصبر والشكر أو الايمان لايكاد يفارق ذلك وتخصيص الآيات بالصبار الشكور لأنه المنتفع بها لا لأنها خافية عن غيره فان التبيين حاصل بالنسبة إلى الكل وتقديم الصبر على الشكر لما أن الصبر مفتاح