بالخبر وجوز أن يكون في موضع الحال على مافي الحواشي الشهابية و من بيانية وجوز أن تكون ابتدائية على معنى أن الويل بمعنى عدم النجاة متصل بالعذاب الشديد وناشيء عنه وقيل ان الجار متعلق : بويل على معنى أنهم يولولون من العذاب ويضجون منه قائلين ياويلاه كقوله تعالى : دعوا هنالك ثبورا ومنع أبو حيان وأبو البقاء ذلك لما فيه من الفصل بين المصدر ومعموله بالخبر وهو لايجوز وقد مر قريبا في الرعد مايتعلق بذلك فتذكر فما في العهد من قدم وفي الكشاف أن من عذاب الخ متصل بالويل على معنى أنهم يولولون الى آخر ماذكرنا وهو محتمل لتعلقه به ولتعلقه بمحذوف واستظهر هذا في البحر وفي الكشف أن الزمخشري لما رأى أن الويل من الذنوب لا من العذاب كما يرشد اليه قوله تعالى : فويل لهم مما كتبت أيديهم وأمثاله اشار هنا الى أن الاتصال معنوي لا من ذلك الوجه فانه هناك جعل الويل نفس العذاب وهنا جعله تلفظهم بكلمة التلهف من شدة العذاب وكلاهما صحيح ولم يرد أن هنالك فصلا بالخبر لقرب مامر في قوله تعالى : سلام عليكم بما صبرتم اه .
واعترض عليه بأنه لاحاجة لما ذكر من التكلف لأن اتصاله به ظاهر لايحتاج الى صرفه للتلفظ بتلك الكلمة و من بيانية لا ابتدائية حتى يحتاج الى ماذكر ولايخفى قوة ذلك وأنه لايحتاج الى التكلف ولو جعلت من ابتدائية فتأمل والظاهر أن المراد بالعذاب الشديد عذاب الآخرة وجوز أن يكون المراد عذابا يقع بهم في الدنيا الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة أي يختارونها عليها فان المختار للشيء يطلب من نفسه أن يكون أحب اليه من غيره فالسين للطلب والمحبة مجاز مرسل عن الاختيار والايثار بعلامة اللزوم في الجملة فلا يضر وجود أحدهما بدون الآخر كاختيار المريض الدواء المر لنفعه وترك مايحبه ويشتهيه من الاطعمة اللذيذة لضرره ولاعتبار التجوز عدى الفعل بعلى ويجوز أن يكون استفعل بمعنى أفعل كاستحباب بمعنى أجاب والفعل مضمن معنى الاختيار والتعدية بعلى لذلك ويصدون عن سبيل الله يعوقون الناس ويمنعونهم عن دين الله تعالى والايمان به وهو الصراط الذي بين شأنه والاقتصار على الاضافة الى الاسم الجليل المنطوي على كل وصف جميل لزوم الاختصار .
وقرأ الحسن يصدون من أصد المنقول من صده صدودا اذا تنكب وحاد وهو ليس بفصيح بالنسبة الى القراءة الاخرى لأن في صده مندوحة عن تكلف النقل ولا محذور في كون القراءة المتواترة أفصح من غيرها ومن مجيء أصد قوله : أناس أصدوا الناس بالسيف عنهم صدود السواقي عن أنوف الحوائم ونظير هذا وقفه وأوقفه ويبغونها أي يبغون لها فحذف الجار وأوصل الفعل الى الضمير أي يطلبون لها عوجا أي زيغا وأعوجاجا وهي أبعد شيء عن ذلك أي يقولون لمن يريدون صده واضلاله عن السبيل هي سبيل ناكبة وزائغة غير مستقيمة وقيل : المعنى يطلبون أن يروا فيها ما يكون عوجا قادحا فيها كقول من لم يصل إلى العنقود وليسوا بواجدين ذلك وكلا المعنيين أنسب مما قيل : إن المعنى يبغون أهلها أن يعرجوا بالردة ومحل موصول هذه الصلات الجر على أنه بدل كما قيل من الكافرين فيعتبر كل وصف من أوصافهم بما يناسبه من المعاني المعتبرة في الصراط فالكفر المنبىء عن الستر بازاء كونه نورا واستحباب