الأولى قوله تعالى : ولقد استهزىء برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم وذلك مجمل في أربعة مواضع الرسل والمستهزئين وصفة الاستهزاء والأخذ وقد فصلت الأربعة في قوله سبحانه : ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح الآيات وقد اشتركت السورتان مما عدا افتتاح كل منهما بالمتشابه بأن كلا قد افتتح بالألف واختتم بالباء وجمعا أيضا في آخر ما ختما به وبقىمناسبات بينهما غير ماذكرنا لو ذكرناها لطال الكلام والله تعالى أعلم بما في كتابه .
بسم الله الرحمن الرحيم آلر مر الكلام فيما يتعلق به كتب جوز فيه أن يكون خبرا لألر على تقدير كونه مبتدأ أو لمبتدأ مضمر على تقدير كونه خبرا لمبتدأ محذوف أو مفعولا لفعل محذوف أو مسرودا على نمط التعديد وجوز أن يكون خبرا ثانيا للمبتدأ الذي أخبر عنه بالر وأن يكون مبتدأ وسوغ الابتداء به كونه موصوفا في التقدير أي كتاب عظيم وقوله تعالى : أنزلنه اليك إما في موضع الصفة أو الخبر وهو مع مبتدآته قيل في موضع التفسير وفي اسناد الانزال إلى ضمير العظمة ومخاطبته E مع اسناد الاخراج اليه صلى الله عليه وسلّم في قوله سبحانه : لتخرج الناس من الظلمت إلى النور مالايخفى من التفخيم والتعظيم واللام متعلقة بأنزلناه والمراد من الناس جميعهم أي أنزلناه اليك لتخرجهم كافة بما في تضاعيفه من البينات الواضحة المفصحة عن كونه من عند الله تعالى الكاشفة عن العقائد الحقة من عقائد الكفر والضلال وعبادة الله D من الآلهة المختلفة كالملائكة وخواص البشر والكواكب والاصنام التي كلها ظلمات محضة وجهالات صرفة إلى الحق المؤسس على التوحيد الذي هو نور بحت وقريء ليخرج الناس بالياء التحتانية في يخرج ورفع الناس به بإذن ربهم أي بتيسيره وتوفيقه تعالى وهو مستعار من الاذن الذي يوجب تسهيل الحجاب لمن يقصد الورد ويجوز أن يكون مجازا مرسلا بعلامة اللزوم وقال محي السنة : إذنه تعالى أمره وقيل : علمه سبحانه وقيل : ارادته جل شأنه وهي على ماقيل متقاربة ومنع الامام ان يراد بذلك الامر أو العلم وعلله بما لايخلو عن نظر وفي الكلام على ماذكر أولا ثلاث استعارات احداها ماسمعت في الأذن والاخريان في الظلمات و النور وقد أشير إلى المراد منهما وجوز العلامة الطيبي أن تكون كلها استعارة مركبة تمثيلية بتصوير الهدى بالنور والضلال بالظلمة والمكلف المنغمس في ظلمة الكفر بحيث لايتسهل له الخروج إلى نور الايمان الا بتفضل الله تعالى بارسال رسول بكتاب يسهل عليه ذلك كمن وقع في تيه مظلم ليس منه خلاص فبعث ملك توقيعا لبعض خواصه في استخلاصه وضمن تسهيل ذلك على نفسه ثم استعمل هنا ما كان مستعملا هناك فقيل : كتاب أنزلناه إلى آخره وكان الظاهر باذننا إلا أنه وضع ذلك الظاهر موضع الضمير وقيل : ربهم للاشعار بالتربية واللطف والفضل وبأن الهداية لطف محض وفيه أن الكتاب والرسول والدعوة لاتجدي دون اذن الله تعالى كما قال سبحانه : إنك لاتهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء اه وما ذكره من الاستعارة التمثيلية مع بلاغته وحسنه لايخلو عن بعد وكأنه للأنباء عن كون التيسير والتوفيق منوطين بالاقبال إلى الحق كما يفصح عنه قوله تعالى : ويهدي اليه من أناب استعير لذلك الاذن الذي هو ما علمت وأضيف إلى ضمير الناس اسم الرب المفصح عن التربية التي هي عبارة عن تبليغ الشيء إلى كماله المتوجه اليه وشمول