عداه بالتضعيف من نقص اللازم على مافي البحر والله يحكم مايشاء كما يشاء وقد حكم لك ولأتباعك بالعز والاقبال وعلى اعدائك ومخالفيك بالقهر والاذلال حسبما يشاهده ذوو الابصار من المخائل والآثار وفي الالتفات من التكلم الى الغيبة وبناء الحكم على الاسم الجليل من الدلالة على الفخامة وتربية المهابة وتحقيق مضمون الخبر بالاشارة الى العلة مالايخفى وهي جملة اعتراضية جيء بها لتأكيد فحوى ماتقدمها وقوله سبحانه : لا معقب لحكمه اعتراض أيضا لبيان علو شأن حكمه جل وعلا وقيل : هو نصب على الحال كأنه قيل : والله تعالى يحكم نافذا حكمه كما تقول : جاء زيد لاعمامة على رأسه ولا قلنسوة أي حاسرا واليه ذهب الزمخشري قيل : وإنما أول الجملة الاسمية بالمفرد لأن تجردها من الواو اذا وقعت حالا غير فصيح عنده ولا يخفى عليك أن جعلها معترضة أولى وأعلى والمعقب من يكر على الشيء فيبطله وحقيقته الذي يعقب الشيء بالابطال ومنه يسمى الذي يطلب حقا من آخر معقبا لأن يعقب غريمه ويتبعه للتقاضي قال لبيد : حتى تهجر بالرواح وهاجها طلب المعقب حقه المظلوم وقد يسمى الماطل معقبا لأنه يعقب كل طلب برد وعن أبي علي عقبني حقي أي مطلني ويقال للبحث عن الشيء تعقب وجوز الراغب أن يراد هذا المعنى هنا على أن يكون الكلام نهيا للناس أن يخوضوا في البحث عن حكمه وحكمته اذا خفيت عليهم ويكون ذلك من نحو النهي عن الخوض في سر القدر وهو سريع الحساب .
14 .
- فعما قليل يحاسبهم ويجازيهم في الآخرة بعد ما عذبهم بالقتل والاسر والاجلاء في الدنيا حسبما يرى وكأنه قيل : لاتستبطيء عقابهم فانه آت لامحالة وكل آت قريب وقال ابن عباس : المعنى سريع الانتقام .
وقد مكر الكفار الذين خلوا من قبلهم من قبل كفار مكة بأنبيائهم وبالمؤمنين كما فعل هؤلاء وهذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلّم بأنه لاعبرة بمكرهم ولا تأثير بل لا وجود له في الحقيقة ولم يصرح سبحانه بذلك اكتفاء بدلالة القصر المستفاد من تعليله أعني قوله تعالى : فلله المكر أي جنس المكر جميعا لاوجود لمكرهم أصلا اذ هو عبارة عن ايصال المكروه الى الغير من حيث لايشعر به وحيث كان جميع مايأتون ويذرون بعلمه وقدرته سبحانه وانما لهم مجرد الكسب من غير فعل ولا تأثير حسبما يبينه قوله تعالى : يعلم ماتكسب كل نفس ومن قضيته عصمة أوليائه سبحانه وعقاب الماكرين بهم توفية لكل نفس جزاء ما كسبت ظهر أن ليس لمكرهم بالنسبة الى من مكروا بهم عين ولا أثر وان المكر كله لله تعالى حيث يؤاخذهم بما كسبوا من فنون المعاصي التي من جملتها مكرهم من حيث لايحتسبون كذا قاله شيخ الاسلام وقد تكلف قدس سره في ذلك ما تكلف وحمل الكسب على ماهو الشائع عند الاشاعرة والله تعالى لايفرق بينه وبين الفعل وكذا رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم والصحابة رضي الله تعالى عنهم والتابعون واللغويون وقيل : وجه الحصر أنه لايعتد بمكر غيره سبحانه لأنه سبحانه هو القادر بالذات على اصابة المكروه المقصود منه وغيره تعالى ان قدر على ذلك فبتمكينه تعالى واذنه فالكل راجع اليه جل وعلا وفي الكشاف ان قوله تعالى : يعلم ماتكسب كل نفس الخ تفسير لقوله سبحانه : فلله المكر جميعا لأن من علم ماتكسب كل نفس وأعد لها جزاءها فهو له المكر لأنه يأتيهم من حيث لايعلمون وهم في غفلة مما يراد بهم وقيل : الكلام على حذف مضاف اي فلله جزاء المكر وجوز في أل أن تكون للعهد أي له