كون الامر كله له سبحانه وكون هداية الناس جميعا منوطة بمشيئته جل وعلا ومن تواتر القوارع على الكفرة حتى يأتي وعده تعالى كأنه قيل : الأمر كذلك فمن هذا شأنه كما ليس في عداد الاشياء حتى يشركوه به فالانكار متوجه إلى ترتب المعطوف أعني توهم المماثلة على المعطوف عليه المقدر أعني كون الامر كما ذكر 1 لا إلى المعطوفين جميعا 2 وفي الكشف أنه ضمن هذا التعقيب الترقي في الانكار يعني لاعجب من إنكارهم لآياتك الباهرة مع ظهورها إنما العجب كل العجب جعلهم القادر على انزالها المجازي لهم على اعراضهم عن تدبر معانيها وأمثالها بقوارع تترى واحدة غب أخرى يشاهدونها رأي عين تترامى بهم إلى دار البوار وأهوالها كمن لايملك لنفسه ضرا ولا نفعا فضلا عمن اتخذه ربا يرجو منه دفعا أو جلبا وزعم بعضهم أن الفاء للتعقيب الذكري أي بعد ما ذكر أقول هذا الامر وليس بذاك وجعلوا لله شركاء جملة مستأنفة وفيها دلالة على الخبر المحذوف وجوز أن تكون معطوفة على كسبت على تقدير أن تكون ما مصدرية لاموصولة والعائد محذوف ولايلزم اجتماع الامرين حتى يخص كل نفس بالمشركين وأبعد من قال : إنها عطف على استهزىء وجوز أن تكون حالية على معنى أفمن هذه صفاته كمن ليس كذلك وقد جعلوا له شركاء لاشريكا واحدا وقال صاحب حل العقد : المعنى على الحالية أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت موجود والحال أنهم جعلوا له شركاء وهذا نظير قولك : أجواد يعطي الناس ويغنيهم موجود ويحرم مثلي ومنهم من أجاز العطف على جملة أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت كمن ليس كذلك لأن الاستفهام الانكاري بمعنى النفي فهي خبرية معنى وقدر آخرون الخبر لم يوحدوه وجعل العطف عليه أي أفمن هذا شأنه لم يوحدوه وجعلوا له شركاء وظاهر كلامهم اختصاص العطف على الخبر بهذا التقدير دون تقدير كمن ليس كذلك قال البدر الدماميني : ولم يظهر وجه الاختصاص ووجه ذلك الفاضل الشمني بأن حصول المناسبة بين المعطوف والمعطوف عليه التي هي شرط قبول العطف بالواو إنما هو على التقدير الاخير دون التقدير الأول .
ويدل على الاشتراط قول أهل المعاني : زيد يكتب ويشعر مقبول دون يعطي ويشعر وتعقبه الشهاب بأنه من قلة التدبر فان مرادهم انه على التقدير الاول يكون الاستفهام انكاريا بمعنى لم يكن نفيا للتشابه على طريق الانكار فلو عطف جعلهم شركاء عليه يقتضي انه لم يكن وليس بصحيح وعلى التقدير الأخير الاستفهام توبيخي والانكار فيه بمعنى لم كان وعدم التوحيد وجعل الشركاء واقع موبخ عليه منكر فيظهر العطف على الخبر وأما ماذكر من حديث التناسب فغفلة لأن المناسبة بين تشبيه الله سبحانه بغيره والشرك تامة وعلى الوجه الأخير عدم التوحيد عين الاشراك فليس محلا للعطف عند أهل المعاني على ماذكره فهو محتاج الى توجيه آخر .
واختار بعض المحققين التقدير الاول وفي ذلك الحذف تعظيم للقالة وتحقير لمن زن بتلك الحالة وفي العدول عن صريح الاسم في أفمن هو قائم تفخيم فخيم بواسطة الابهام المضمر في ايراده موصولا مع تحقيق أن القيام كائن وهم محققون وفي وضع الاسم الجليل موضع المضمر الراجع الى من تنصيص على وحدانيته تعالى ذاتا واسما وتنبيه على اختصاصه باستحقاق العبادة مع مافيه من البيان بعد الابهام ولعل توجيه الوضع المذكور مما لايختص به تقدير دون تقدير وخصه بعضهم فيما يحتاج عليه الى ضمير