اللفظ لابخصوص السبب وعمومه يتناول كل وعيد ورد في حق الفساق وأجاب الامام بأن التخلف غير وتخصيص العمول غير ونحن لانقول بالخلف ولكنا نخصص عمومات الوعيد بالآيات الدالة على العفو وأنت تعلم أن المشهور في الجواب أن آيات الوعد مطلقة وآيات الوعيد وإن وردت مطلقة لكنها مقيدة حذف قيدها لمزيد التخويف ومنشأ الأمرين عظم الرحمة ونهاية الكرم والفرق بين الوعد والوعيد أظهر من أن يذكر نعم قد يطلق الوعد على ما هو وعيد في نفس الأمر لنكتة وليتأمل فيما هنا على الوجه الذي تقرر .
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن المراد بالقارعة السرايا التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يبعثها كانوا بين غارة واختطاف وتخويف بالهجوم عليهم في دارهم فالاصابة والحلول حينئذ من أحوالهم وجوز على هذا أن يكون قوله تعالى : أو تحل خطابا لرسول الله A مرادا به حلول الحديبية والمراد بوعد الله تعالى ما وعد به من فتح مكة وعزا ذلك الطبري إلى ابن عباس ومجاهد وقتادة وروى عن مقاتل وعكرمة وذهب ابن عطية إلى أن المراد بالذين كفروا كفار قريش والعرب وفسر القارعة بما ينزل بهم من سرايا رسول الله A وعن الحسن وابن السائب أن المراد بهم الكفار مطلقا قالا : وذلك الأمر مستمر فيهم الى يوم القيامة ولا يتأتى على هذا أن يراد بالقارعة سرايا رسول الله E فيراد بها حينئذ ماذكر أولا وأنت تعلم أنه إذا أريد جنس الكفرة لايلزم منه حلول ماتقدم بجميعهم وقرأ مجاهد وابن جبير أو يحل بالياء على الغيبة وخرج ذلك على أن يكون الضمير عائدا على الرسول E وقرءا أيضا من ديارهم على الجمع ولقد استهزىء برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا أي تركتهم ملاوة أي من الزمان ومنه الملوان في أمن ودعة كما يملي للبهيمة في المرعى وهذا تسلية للحبيب صلى الله تعالى عليه وسلم عما لقى من المشركين من الاستهزاء به E وتكذيبه وعدم الاعتداد بآياته واقتراح غيرها وكل ذلك في المعنى استهزاء ووعيد لهم والمعنى ان ذلك ليس مختصا بك بل هو أمر مطرد قد فعل برسل جليلة كثيرة كائنة من قبلك فأمهلت الذين فعلوه بهم والعدول في الصلة الى وصف الكفر ليس لأن المملي لهم غير المستهزئين بل للاشارة الى أن ذلك الاستهزاء كفر كما قيل وفي الارشاد لارادة الجمع بين الوصفين أي فأمليت للذين كفروا بكفرهم مع استهزائهم لا باستهزائهم فقط ثم أخذتهم فكيف كان عقاب .
23 .
- أي عقابي اياهم والمراد التعجيب مما حل بهم وفيه من الدلالة على شدته وفظاعته مالا يخفى .
أفمن هو قائم أي رقيب ومهيمن على كل نفس كائنة ماكانت بما كسبت فعلت من خير أو شر لايخفى عليه شيء من ذلك ولا يفوته ما يستحقه كل من الجزاء وهو الله تعالى شأنه وما حكاه القرطبي عن الضحاك من أن المراد بذلك الملائكة الموكلون ببني آدم فمما لايكاد يعرج عليه هنا و من مبتدأ والخبر محذوف أي كمن ليس كذلك ونظيره قوله تعالى : أفمن شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه وحسن حذفه المقابلة وقد جاء مثبتا كثيرا كقوله تعالى : أفمن يخلق كمن لايخلق وقوله سبحانه : أفمن يعلم أنما انزل اليك من ربك الحق كمن هو أعمى إلى غير ذلك والهمزة للاستفهام الانكاري وادخال الفاء قيل : لتوجيه الانكار إلى توهم المماثلة في ما علم مما فعل سبحانه بالمستهزئين من الاملاء والأخذ ومن