إثر تبكيت أي سموهم من هم وماذا أسماؤهم وفي البحر أن المعنى أنهم ليسوا ممن يذكر ويسمى انما يذكر ويسمى من ينفع ويضر وهذا مثل أن يذكر لك أن شخصا يوقر ويعظم وهو عندك لايستحق ذلك فتقول لذاكره : سمه حتى أبين لك زيفه وانه بمعزل عن استحقاق ذلك وقريب منه ماقيل : إن ذلك انما يقال في الشيء المستحقر الذي يبلغ في الحقارة الى أن لايذكر ولا يوضع له اسم فيقال سمه على معنى أنه أخس من أن يذكر ويسمى ولكن ان شئت أن تضع له اسما فافعل فكأنه قيل : سموهم بالآلهة على التهديد والمعنى سواء سميتموهم بذلك أم لم تسموهم به فانهم في الحقارة بحيث لايستحقون أن يلتفت اليهم عاقل وقيل : إن التهديد هنا نظير التهديد لمن نهى عن شرب الخمر ثم قيل له : سم الخمر بعد هذا وهو خلاف الظاهر وقيل : المعنى اذكروا صفاتهم وانظروا هل فيها مايستحقون به العبادة ويستأهلون الشركة أم تنبؤنه أي بل أتخبرون الله تعالى بما لايعلم في الأرض أي بشركاء مستحقين للعبادة لايعلمهم سبحانه وتعالى والمراد نفيها بنفي لازمها على طريق الكناية لأنه سبحانه اذا كان لايعلمها وهو الذي لايعزب عن علمه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء فهي لاحقيقة لها أصلا وتخصيص الارض بالذكر لأن المشركين انما زعموا أنه سبحانه له شركاء فيها والضمير المستقر في يعلم على هذا التفسير لله تعالى والعائد على ما محذوف كما أشرنا الى ذلك .
وجوز أن يكون العائد ضمير يعلم والمعنى أتنبؤن الله تعالى بشركة الاصنام التي لا تتصف بعلم البتة وذكر نفي العلم في الارض لأن الارض مقر الأصنام فاذا انتفى علمها في المقر التي هي فيه فانتفاؤه في السموات العلى أحرى وقرأ الحسن أتنبئونه بالتخفيف من الأنباء أم بظاهر من القول أي بل أتسمونهم شركاء بظاهر من القول من غير معنى متحقق في نفس الامر كتسمية الزنجي كافورا كقوله تعالى : ذلك قولهم بأفواههم وروى عن الضحاك وقتادة أن الظاهر من القول الباطل منه وأنشدوا من ذلك قوله : أعيرتنا البانها ولحومها وذلك عار يا ابن ريطة ظاهر ويطلق الظاهر على الزائل كما في قوله : وعيرها الواشون أني أحبها وتلك شكاة ظاهر عنك عارها ومن أراد ذلك هنا فقد تكلف وعن الجبائي أن المراد من ظاهر من القول ظاهر كتاب أنزله الله تعالى وسمى به الاصنام آلهة حقة وحاصل الآية نفي الدليل العقلي والدليل السمعي على حقية عبادتها واتخاذها آلهة وجوز أن تكون أم متصلة والانقطاع هو الظاهر ولا يخفى مافي الآية من الاحتجاج والاساليب العجيبة ما ينادي بلسان طلق ذلق أنه ليس من كلام البشر كما نص على ذلك الزمخشري وبين ذلك صاحب الكشف بأنه لما كان قوله تعالى : أفمن هو قائم كافيا في هدم قاعدة الاشراك للتفرع السابق والتحقق بالوصف اللاحق مع ما ضمن من زيادات النكت وكان ابطالا من طرف الحق وذيل بابطاله من طرف النقيض على معنى وليتهم إذ اشركوا بمن لايجوز أن يشرك به اشركوا من يتوهم فيه ادنى وروعي فيه أنه لاأسماء للشركاء فضلا عن المسمى على الكناية الايمائية ثم بولغ فيه بأنه لايستأهل السؤال عن حالها بظهور فسادها وسلك فيه مسلك الكناية التلويحية من نفي العلم بنفي المعلوم ثم منه بعدم الاستئهال والهمزة المضمنة فيها تدل على التوبيخ وتقرير