وإسناد متاع في قوله تعالى : إلا متع .
62 .
- إلى الحياة الدنيا يحتمل أن يكون مجازيا ويحتمل أن يكون حقيقيا والمراد أنها ليست إلا شيئا نزرا يتمتع به كعجالة الراكب وزاد الراعي يزوده أهله الكف من التمر أو الشيء من الدقيق أو نحو ذلك والمعنى أنهم رضوا بحظ الدنيا معرضين عن نعيم الآخرة والحال أن ماأشروا به في جنب ماأعرضوا عنه نزر النفع سريع النفاذ أخرج الترمذي وصححه عن عبدالله بن مسعود قال : نام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على حصير فقام وقد أثر في جنبه فقلنا : يارسول الله لو اتخذنا لك فقال : مالي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها وقيل : معنى الآية كالخبر الدنيا مزرعة الآخرة يعني كان ينبغي أن يكون ما بسط لهم في الدنيا وسيلة إلى الآخرة كمتاع تاجر يبيعه بما يهمه وينفعه في مقاصده لا أن يفرحوا بها ويعدوها مقاصد بالذات والأول أولى وأنسب .
ويقول الذين كفروا أي أهل مكة عبدالله بن أبي أمية وأصحابه وإيثار هذه الطريقة على الاضمار مع ظهور إرادتهم عقيب ذكر فرحهم بناءا على أن ضمير فرحوا لهم لذمهم والتسجيل عليهم بالكفر فيما حكى عنهم من قولهم : لولا أنزل عليه ءاية من ربه فان ذلك في أقصى مراتب المكابرة والعناد كأن ما أنزل عليه E من الآيات العظام الباهرة ليست عندهم بآية حتى اقترحوا مالاتقتضيه الحكمة من الآيات كسقوط السماء عليهم كسفا وسير الاخشبين وجعل البطاح محارث ومفترسا كالاردن واحياء قضى لهم إلى غير ذلك قل إن الله يضل من يشاء إضلاله مشيئة تابعة للحكمة الداعية اليها وهو كلام جار مجرى التعجب من قولهم وذلك ان الآيات الباهرة المتكاثرة التي أوتيها صلى الله تعالى عليه وسلم لم يؤتها نبي قبله وكفى بالقرآن وحده آية فاذا جحدوها ولم يعتدوا بها كان ذلك موضعا للتعجب والانكار وكان الظاهر أن يقال في الجواب : ما أعظم عنادكم وما أشد تصميمكم على الكفر ونحوه إلا أنه وضع هذا موضعه للاشارة إلى أن المتعجب منه يقول : إن الله يضل الخ أي أنه تعالى يخلق فيمن يشاء الضلال بصرف اختياره إلى تحصيله ويدعه منهمكا فيه لعلمه بأنه لاينجح فيه اللطف ولا ينفعه الارشاد لسوء استعداده كمن كان على صفتكم في المكابرة والعناد وشدة الشكيمة والغلو في الفساد فلا سبيل له إلى الاهتداء ولو جاءته كل آية .
ويهدي إليه أي إلى جانبه العلي الكبير .
وقال أبو حيان : أي إلى دينه وشرعه سبحانه هداية موصلة اليه لا دلالة مطلقة إلى ما يوصل فان ذلك غير مختص بالمهتدين وفيه من تشريفهم مالا يوصف وقيل : الضمير للقرآن أو للرسول E وهو خلاف الظاهر جدا من أناب .
72 .
- أي أقبل إلى الحق وتأمل في تضاعيف مانزل من دلائله الواضحة وحقيقة الانابة الرجوع إلى نوبة الخير وإيثارها في الصلة على إيراد المشيئة كما في الصلة الاولى على ما قال مولانا شيخ الإسلام للتنبيه على الداعي إلى الهداية بل الى مشيئتها والاشعار بما دعا إلى المشيئة الأولى من المكابرة وفيه حث للكفرة على الاقلاع عما هم عليه من العتو والعناد وإيثار صيغة الماضي للايماء إلى استدعاء الهداية السابقة كما إن إيثار صيغة المضارع في الصلة الأولى للدلالة على استمرار المشيئة حسب استمرار مكابرتهم والآية صريحة في مذهب أهل السنة في نسبة الخير والشر اليه D وأولها المعتزلة فقال