وقالوقال أبو حيان : الظاهر أن هذه الجملة تأكيد للتي قبلها لأن العهد هو الميثاق ويلزم من إيفاء العهد انتفاء نقضه وقال ابن عطية : المراد بالجملة الأولى يوفون بجميع عهود الله تعالى وهي أوامره ونواهيه التي وصى الله تعالى بها عبيده ويدخل في ذلك التزام جميع الفروض وتجنب جميع المعاصي والمراد بالجملة الثانية أنهم إذا عقدوا في طاعة الله تعالى عهدا لم ينقضوه اه وعليه فحديث التعميم بعد التخصيص لايتأتى كما لايخفى وقد تقدم الله سبحانه إلى عباده في نقض الميثاق ونهى عنه في بضع وعشرين آية من كتابه كما روى عن قتادة ومن أعظم المواثيق على ما قال ابن العربي أن لايسأل العبد سوى مولاه جل شأنه .
وفي قصة أبي حمزة الخراساني ما يشهد لعظم شأنه فقد عاهد ربه أن لايسأل أحدا سواه فاتفق أن وقع في بئر فلم يسأل أحدا من الناس المارين عليه إخراجه منها حتى جاء من أخرجه بغير سؤال ولم ير من أخرجه فهتف به هاتف كيف رأيت ثمرة التوكل فينبغي الاقتداء به في الوفاء بالعهد على ما قال أيضا وقد أنكر ابن الجوزي فعل هذا الرجل وبين خطأه وأن التوكل لا ينافي الاستغاثة في تلك الحال وذكر أن سفيان الثوري وغيره قالوا : لو أن إنسانا جاع فلم يسأل حتى مات دخل النار ولا ينكر أن يكون الله تعالى قد لطف بأبي حمزة الجاهل نعم لاينبغي الاستغاثة بغير الله تعالى على النحو الذي يفعله الناس اليوم مع أهل القبور الذين يتخيلون فيهم مايتخيلون فآها ثم آها مما يفعلون .
والذين يصلون ماأمر الله به أن يوصل الظاهر العموم في كل ما أمر الله تعالى به في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلّم وقال الحسن : المراد صلة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم بالايمان به وروى نحوه عن ابن جبير وقال قتادة : المراد صلة الارحام وقيل : صلة الايمان بالعمل وقيل : صلة قرابة الاسلام بافشاء السلام وعيادة المريض وشهود الجنائز ومراعاة حق الجيران والرفقاء والخدم ومن ذهب إلى العموم أدخل في ذلك الانبياء عليهم السلام ووصلهم أن يؤمن بهم جميعا ولايفرق بين أحد منهم والناس على اختلاف طبقاتهم ووصلهم بمراعاة حقوقهم بل سائر الحيوانات ووصلها بمراعاة مايطلب في حقها وجوبا أو ندبا وعن الفضيل بن عياض أن جماعة دخلوا عليه بمكة فقال : من أين أنتم قالوا : من أهل خراسان 1 قالوا : اتقوا الله تعالى وكونوا من حيث شئتم واعلموا أن العبد لو أحسن الاحسان كله وكانت له دجاجة فأساء اليها لم يكن محسنا ومفعول أمر محذوف والتقدير ماأمرهم الله به و أن يوصل بدل من الضمير المجرور أي ماأمر الله بوصله ويخشون ربهم أي وعيده سبحانه والظاهر أن المراد به مطلقا وقيل : المراد توعيده تعالى على قطع ماأمروا بوصله ويخافون سوء الحسب .
12 .
- فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا وهذا من قبيل ذكر الخاص بعد العام للاهتمام والخشية والخوف قيل بمعنى وفي فروق العسكري أن الخوف يتعلق بالمكروه ومنزله تقول خفت زيدا وخفت المرض والخشية تتعلق بالمنزل دون المكروه نفسه ولذا قال سبحانه : يخشون أولا ويخافون ثانيا وعليه فلا يكون اعتبار الوعيد في محله لكن هذا غير مسلم لقوله تعالى : خشية إملاق و لمن خشي العنت منكم وفرق الراغب بينهما