هو الذي يريكم البرق أي برق لوامع الانوار القدسية خوفا خائفين من سرعة انقضائه أو بطء رجوعه وطمعا طامعين في ثباته أو سرعة رجوعه وينشيء السحاب الثقال بماء العلم والمعرفة وقيل : يرى المحبين برق المكاشفة وينشيء للعارفين سحاب العظمة الثقال بماء الهيبة فيمطر عليهم مايحييهم به الحياة التي لاتشبهها حياة وأنشدوا للشبلي : أظلت عينا منك يوما غمامة أضاءت لنا برقا وأبطا رشاشها فلا غيمها يصحو فييأس طامع ولاغيثها يأتي فيروى عطاشها وعن بعضهم أن البرق اشارة إلى التجليات البرقية التي تحصل لأرباب الأحوال وأشهر التجليات في تشبيهه بالبرق التجلي الذاتي وأنشدوا : ما كان ماأوليت من وصلنا الا سراجا لاح ثم انطفى وذكر الامام الرباني قدس سره في المكتوبات أن التجلي الذاتي دائمي للكاملين من أهل الطريقة النقشبندية لابرقي وأطال الكلام في ذلك مخالفا لكبار السادة الصوفية كالشيخ محي الدين قدس سره وغيره والحق أن ماذكره من التجلي الذاتي ليس هو الذي ذكروا أنه برقي كما لايخفى على من راجع كلامه وكلامهم ويسبح الرعد أي رعد سطوة التجليات الجلالية ويمجد الله تعالى عما يتصوره العقل ملتبسا بحمده وإثبات ماينبغي له عز شأنه والملائكة وتسبح الملائكة القوى الروحانية من خيفته من هيبة جلاله جل جلاله ويرسل الصواعق هي صواعق السبحات الالهية عند تجلي القهر الحقيقي المتضمن لللطف الكلي فيصيب بها من يشاء فيحرقه عن بقية نفسه وفي الخبر إن الله تعالى سبعين ألف حجاب من نور وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه وقال ابن الزنجاني : الرعد صعقات الملائكة والبرق ذفرات أفئدتهم والمطر بكاؤهم وجعل الزمخشري هذا من بدع المتصوفة وكأني بك تقول : إن أكثر ماذكر في باب الاشارة من هذا الكتاب من هذا القبيل والجواب إنا لاندعى الا الاشارة وأما أن ذلك مدلول اللفظ أو مراد الله تعالى فمعاذ الله تعالى من أن يمر بفكري واعتقاد ذلك هو الضلال البعيد والجهل الذي ليس عليه مزيد وقد نص المحققون من الصوفية على أن معتقد ذلك كافر والعياذ بالله تعالى ولعلك تقول : كان الأولى مع هذا ترك ذلك فنقول : قد ذكر مثله من هو خير منا والوجه في ذكره غير خفي عليك لو أنصفت وهم يجادلون في الله بالتفكر في ذاته والنظر للوقوف على حقيقة صفاته وهو سبحانه شديد المحال في دفع الافكار والانظار عن حرم ذاته وحمى صفاته جل جلاله : هيهات ان تصطاد عنقاء البقا بلعابهن عناكب الافكار له دعوةالحق أي الحقة الحقيقة بالاجابة لا لغيره سبحانه والذين يدعون الاصنام لايستجيبون لهم بشيء الا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه أي إلا إستجابة كاستجابة من ذكر لأن ما يدعونه بمعزل عن القدرة وما دعاء الكافرين المحجوبين الا في ضلال أي ضياع لأنهم لايدعون الا له الحق وانما يدعون إلها توهموه ونحتوه في خيالهم ولله يسجد ينقاد من في السموات والارض من الحقائق والروحانيات طوعا وكرها شاؤا أو أبوا وظلهم هياكلهم بالغدو والآصال أي دائما وقيل : يسجد من في السموات وهو الروح والعقل والقلب وسجودهم طوعا ومن في الأرض النفس وقواها وسجودهم كرها