للمفعول وجودا وعدما فكأنه قيل : لايستجيبون لهم بشيء فلا يستجاب لهم استجابة كائنة كاستجابة من بسط كفيه إلى الماء كما في قول الفرزدق : وعض زمان ياابن مروان لم يدع من المال الا مسحت 1 أو مجلف أي لم يدع فلم يبق الا مسحت 2 أو مجلف وأبو البقاء يجعل الاستجابة مصدر المبني للمفعول واضافته الى باسط من باب إضافة المصدر إلى مفعوله كما في قوله تعالى لايسأم الانسان من دعاء الخير والفاعل ضمير الماء على الوجه الثاني في الموصول وقد يراد من بسط الكفين إلى الماء بسطهما أي نشر أصابيعهما ومدها لشربه لا للدعاء والاشارة اليه كما أشرنا اليه فيما تقدم وعلى هذا قيل : شبه الداعون لغير الله تعالى بمن أراد أن يعرف الماء بيديه فبسطهما ناشرا اصابعه في انهما لايحصلان على طائل وجعل بعضهم وجه الشبه قلة الجدوى ولعله أراد عدمها لكنه بالغ بذكر القلة وارادة العدم دلالة على هضم الحق وإيثار الصدق ولاشمام طرف من التهكم والتشبيه على هذا من تشبيه المفرد المقيد كقولك لمن لايحصل من سعيه على شيء : هو كالراقم على الماء فان المشبه هو الساعي مقيدا بكون سعيه كذلك والمشبه به هو الراقم مقيدا بكونه على الماء كذلك فيما نحن فيه وليس من المركب العقلي في شيء على ماتوهم نعم وجه الشبه عقلي اعتباري والاستثناء مفرغ عن اعم عام الاحوال أي لايستجيب الآلهة لهؤلاء الكفرة الداعين الا مشبهين أعني الداعين بمن بسط كفيه ولم يقبضهما وأخرجهما كذلك فلم يحصل على شيء لأن الماء يحصل بالقبض لا بالبسط وروى عن علي كرم الله تعالى وجهه أن ذلك تشبيه بعطشان على شفير بئر بلا رشاء ولا يبلغ قعر البئر ولا الماء يرتفع اليه وهو راجع إلى الوجه الأول وليس مغايرا له كما قيل وعن أبي عبيدة أن ذلك تشبيه بالقابض على الماء في أنه لايحصل على شيء ثم قال : والعرب تضرب المثل في الساعي فيما لايدركه بذلك وأنشد قول الشاعر : فأصبحت فيما كان بيني وبينها من الود مثل القابض الماء باليد وقوله : وإني وإياكم وشوقا اليكم كقابض ماء لم تسعه أنامله وهو راجع إلى الوجه الثاني خلا أنه لايظهر من باسط معنى قابض فان بسط الكف ظاهر في نشر الاصابيع ممدودة كما في قوله : تعود بسط الكف حتى لو أنه أراد انقباضا لم تطعه أنامله وكيفما كان فالمراد بباسط شخص باسط أي شخص كان وما يقتضيه ظاهر ماروى عن بكير بن معروف من أنه قابيل حيث أنه لما قتل أخاه جعل الله تعالى عذابه أن أخذ بناصيته في البحر ليس بينه وبين الماء الا اصبع فهو يريده مما لاينبغي أن يعول عليه وقريء كباسط كفيه بالتنوين أي كشخص يبسط كفيه وما دعاء الكفرين الا في ضلال .
41 .
- أي في ضياع وخسار وباطل والمراد بهذا الدعاء إن كان دعاء آلهتهم فظاهر أنه كذلك لكنه فهم من السابق وحينئذ يكون مكرر للتأكيد وإن كان دعاءهم الله تعالى فقد استشكلوا ذلك بأن دعاء الكافر قد يستجاب وهو المصرح به في الفتاوى واستجابة دعاء إبليس وهو رأس الكفار