نص في ذلك وأجيب بأن المراد دعاهم الله تعالى بما يتعلق بالآخرة وعلى هذا يحمل ماروى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من أن أصوات الكفار محجوبة عن الله تعالى فلا يسمع دعاؤهم وقيل : يجوز أن يراد دعاؤهم مطلقا ولايقيد بما أجيبوا به ولله وحده يسجد يخضع وينقاد لا لشيء غيره سبحانه استقلالا ولا اشتراكا فالقصر ينتظم القلب والافراد من في السموات والأرض من الملائكة والثقلين كما يقتضيه ظاهر التعبير بمن وتخصيص انقياد العقلاء مع كون غيرهم أيضا كذلك لأنهم العمدة وانقيادهم دليل انقياد غيرهم على أن فيما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانا لذلك وقيل : المراد مايشمل أولئك وغيرهم والتعبير بمن للتغليب طوعا وكرها نصب على الحال فان قلنا بوقوع المصدر حالا من غير تأويل فهو ظاهر والا فهو بتأويل طائعين وكارهين أي أنهم خاضعون لعظمته تعالى منقادون لاحداث ماأراد سبحانه فيهم من أحكام التكوين والاعدام شاؤا أو أبوا من غير مداخلة حكم غيره جل وعلا بل غير حكمه تعالى في شيء من ذلك .
وجوز أن يكون النصب على العلة فالكره بمعنى الاكراه وهو مصدر المبني للمفعول ليتحد الفاعل بناء على اشتراط ذلك في نصب المفعول لأجله وهو عند من لم يشترط على ظاهره وما قيل عليه من أن اعتبار العلية في الكره غير ظاهر لأنه الذي يقابل الطوع وهو الاباء ولا يعقل كونه علة للسجود فمدفوع بأن العلة مايحمل على الفعل أو مايترتب عليه لا مايكون غرضا له وقد مر عن قرب فتذكره وقيل : النصب على المفعولية المطلقة أي سجود طوع وكره وظلالهم أي وتنقاد له تعالى ظلال من له ذلك منهم وهم الانس فقط أو مايعمهم وكل كثيف .
وفي الحواشي الشهابية ينبغي أن يرجع الضمير لمن في الأرض لأن من في السماء لاظل له الا أن يحمل على التغليب أو التجوز ومعنى انقياد الظلال له تعالى أنها تابعة لتصرفه سبحانه ومشيئته في الامتداد والتقلص والفيء والزوال وأصل الظل كما قال الفراء مصدر ثم أطلق على الخيال الذي يظهر للجرم وهو اما معكوس أو مستو ويبني على كل منهما احكام ذكروها في محلها بالغدو والآصال .
51 .
- ظرف للسجود المقدر والباء بمعنى في وهو كثير والمراد بهما الدوام لأنه يذكر مثل ذلك للتأييد قيل : فلا يقال لم خص بالذكر وكذا يقال : اذا كانا في موضع الحال من الظلال وبعضهم يعلل ذلك بأن امتدادها وتقلصها في ذينك الوقتين أظهر .
والغدو جمع غداة كقنى وقناة والآصال جمع أصيل وهو مابين العصر والمغرب وقيل : هو جمع أصل جمع أصيل وأصله أأصال بهمزتين فقلبت الثانية ألفا وقيل : الغدو مصدر وأيد بقراءة ابن مجلز الايصال بكسر الهمزة على أنه مصدر آصلنا بالمد أي دخلنا في الاصيل كما قاله ابن جنى هذا وقيل : إن المراد حقيقة السجود فان الكفرة حالة الاضطرار وهو المعنى بقوله تعالى : وكرها يخصون السجود به سبحانه قال تعالى : واذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ولا يبعد أن يخلق الله تعالى في الظلال افهاما وعقولا بها تسجد لله تعالى شأنه كما خلق جل جلاله ذلك للجبال حتى اشتغلت بالتسبيح وظهرت فيها آثار التجلي كما قاله ابن الانباري : وجوز أن يراد بسجودها مايشاهد فيها من هيئة السجود تبعا لأصحابها وهذا على ماقيل : مبني على ارتكاب عموم المجاز في السجود المذكور في الآية بأن يراد به الوقوع على الأرض فيشمل سجود الظلال بهذا المعنى أو تقدير فعل مؤد ذلك رافع الظلال أو خبر له كذلك أو التزام أن