في تأويله : من أن المعنى ولله تعالى الدعوة التي تليق أن تنسب وتضاف إلى حضرته جل شأنه لكونه تعالى سميعا بصيرا كريما لايخيب سائله فيجيب الدعاء فان ذلك كما ترى قليل الجدوى ويعلم مما في الكشف وجه تعلق هذه الجملة بما تقدم وقال بعضهم : وجه تعلق هذه والجملة التي قبلها أعني قوله تعالى : وهو شديد المحال ان كان سبب النزول قصة أربد وعامر أن اهلاكهما من حيث لم يشعرا به محال من الله تعالى وإجابة لدعوة رسوله صلى الله عليه وسلّم فقد روى أنه E قال : اللهم احبسهما عني بماشئت أو دلالة على رسوله A على الحق وإن لم يكن سبب النزول ذلك فالوجه أن ذلك وعيد للكفرة على مجادلتهم الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم بحلول محاله بهم وتهديدهم باجابة دعائه E أن دعا عليهم أو بيان ضلالتهم وفساد رأيهم في عبادة غير الله تعالى ويعلم مما ذكر وجه التعلق على بعض التفاسير إذا قلنا : إن سبب النزول قصة اليهودي أو الجبار فتأمل .
والذين يدعون أي الاصنام الذين يدعونهم أي المشركون وحذف عائد الموصول في مثل ذلك كثير وجوز أن يكون الموصول عبارة عن المشركين وضمير الجمع المرفوع عائد اليه ومفعول يدعون محذوف أي الاصنام وحذف لدلالة قوله تعالى : من دونه عليه لأن معناه متجاوزين له وتجاوزه إنما هو بعبادتها ويؤيد الوجه الأول قراءة البزدوي عن أبي عمرو تدعون بتاء الخطاب وضمير لايستجيبون عليه عائد على الذين وعلى الثاني عائد على مفعول يدعون وعلى كل فالمراد لايستجيب الاصنام لهم أي للمشركين بشيء من طلباتهم إلا كبسط كفيه إلى الماء أي لايستجيبون شيئا من الاستجابة وطرفا منها إلا استجابة كاستجابة الماء لمن بسط كفيه اليه من بعيد يطلبه ويدعوه ليبلغ أي الماء بنفسه من غير أن يؤخذ بشيء من إناء ونحوه فاه وماهو أي الماء ببالغه أي ببالغ فيه أبدا لكونه جمادا لايشعر بعطشه وبسط يديه اليه وجوز أبو حيان كون هو ضمير الفم والهاء في بالغه ضمير الماء أي وما فوه ببالغ الماء لأن كلا منهما لايبلغ الآخر على هذه الحال .
وجوز بعضهم كون الأول ضمير باسط والثاني ضمير الماء قال أبو البقاء : ولايجوز أن يكون الأول عائدا على باسط والثاني عائدا على الفم لأن اسم الفاعل إذا جرى على غير من هو له لزم إبراز الفاعل فكان يجب على ذلك أن يقال : وماهو ببالغه الماء والجمهور على ماسمعت أولا والغرض كما قال بعض المدققين ففي الاستجابة على البت بتصوير أنهم احوج مايكون اليها لتحصيل مباغيهم أخيب مايكون أحد في سعيه لما هو مضطر اليه والحاصل أنه شبه آلهتهم حين استكفائهم إياهم ما أهمهم بلسان الاضطرار في عدم الشعور فضلا عن الاستطاعة للاستجابة وبقائهم لذلك في الخسار بحال ماء بمرأى من عطشان باسط كفيه اليه يناديه عبارة وإشارة فهو لذلك في زيادة الكباد والبوار والتشبيه على هذا من المركب التمثيلي في الأصل أبرز في معرض التهكم حيث أثبت أنهما استجابتان زيادة في التخسير والتحسير فالاستثناء مفرغ من أعم عام المصدر كما أشرنا اليه والظاهر أن الاستجابة هناك مصدر من المبني للفاعل وهو الذي يقتضيه الفعل الظاهر وجوز أن يكون من المبنى للمفعول ويضاف إلى الباسط بناءا على استلزام المصدر من المبنى للفاعل للمصدر من المبني