على أنه مفعل من حال يحول إذا احتال لأن الاصل توافق القراءتين ويقال للحيلة أيضا المحالة ومنه المثل المرء يعجز لا المحالة وقال أبو زيد : هو بمعنى النقمة وكأنه أخذه من المحل بمعنى القحط أيضا وقال ابن عرفة : هو الجدال يقال : ما حل عن أمره أي جادل وقيل : هو بمعنى الحقد وروى عن عكرمة وحملوه على التجوز .
وجوز أن يكون المحال بالفتح بمعنى الفقار وهو عمود الظهر وقوامه قال في الاساس : يقال فرس قوي المحال أي الفقار الواحدة محالة والميم أصلية ويكون ذلك مثلا في القوة والقدرة كما جاء في الحديث الصحيح 1 فساعد الله تعالى أسد وموساه أحد لأن الشخص إذا اشتد محاله كان منعوتا بشدة القوة والاضطلاع بما يعجز عنه غيره ألا ترى الى قولهم : فقرته الفواقر وهو مثل لتوهين القوى وبهذا الحمل لايلزم اثبات الجسمية له تعالى والجملة في موضع الحال من الاسم الجليل له أي الله تعالى دعوة الحق أي الدعاء والتضرع الثابت الواقع في محله المجاب عند وقوعه والاضافة للايذان بملابسة الدعوة للحق واختصاصها به وكونها بمعزل من شائبة البطلان والضلال والضياع كما يقال : كلمة الحق والمراد ان إجابة ذلك له تعالى دون غيره ويؤيد ما بعد كما لايخفى 2 وقيل : المراد بدعوة الحق الدعاء عند الخوف فانه لايدعى فيه الا الله تعالى كما قال سبحانه : ضل من تدعون الا اياه وزعم الماوردي أن هذا أشبه بسياق الآية وقيل : الدعوة : بمعنى الدعاء أي طلب الاقبال والمراد به العبادة للاشتمال والاضافة على طرز ما تقدم وبعضهم يقول : إن هذه الاضافة من اضافة الموصوف الى الصفة والكلام فيها شهير وحاصل المعنى أن الذي يحق أن يعبد هو الله تعالى دون غيره .
ويفهم من كلام البعض على ماقيل أن الدعوة بمعنى الدعاء ومتعلقها محذوف أي للعبادة والمعنى أنه الذي يحق أن يدعى إلى عبادته دون غيره ولا يخفى مابين المعنيين من التلازم فانه إذا كانت الدعوة الى عبادته سبحانه حقا كانت عبادته جل شأنه حقا وبالعكس وعن الحسن أن المراد من الحق هو الله تعالى وهو كما في البحر ثاني الوجهين اللذين ذكرهما الزمخشري والمعنى عليه كما قال : له دعوة المدعو الحق الذي يسمع فيجيب والأول ماأشرنا اليه أولا وجعل الحق فيه مقابل الباطل .
وبين صاحب الكشف حاصل الوجهين بأن الكلام مسوق لاختصاصه سبحانه بأن يدعى ويعبد ردا لمن يجادل في الله تعالى ويشرك به سبحانه الانداد ولابد من أن يكون في الاضافة اشعار بهذا الاختصاص فان جعل الحق في مقابل الباطل فهو ظاهر وإن جعل اسما من أسمائه تعالى كان الأصل لله دعوته تأكيدا للاختصاص من اللام والاضافة ثم زيد ذلك باقامة الظاهر مقام المضمر معادا بوصف ينبىء عن اختصاصها به أشد الاختصاص فقيل : له دعوة المدعو الحق والحق من أسمائه سبحانه يدل على أنه الثابت بالحقيقة وما سواه باطل من حيث هو وحق بتحقيقه تعالى اياه فيتقيد بحسب كل مقاما للدلالة على أن مقابلة لاحقيقة له وإذا كان المدعو من دونه بطلانه لعدم الاستجابة فهو الحق الذي يسمع فيجيب انتهى وبهذا سقط ما قاله أبو حيان في الاعتراض على الوجه الثاني من أن مآله الى الله دعوة الله وهو نظير قولك : لزيد دعوة زيد ولايصح ذلك واستغنى عما قال العلامة الطيبي