الكي من حرارتها وهذا الذي قالوه في سبب تكوينها ليس بالبعيد عما روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في ذلك ومادتها على ما نقل بعضهم عن ابن سينا أجسام نارية فارقتها السخونة وصارت لاستيلاء البرودة على جوهرها متكافئة وقال الامام في شرح الاشارات : الصواعق على ما نقل عن الشيخ تشبه الحديد تارة والنحاس تارة والحجر تارة وهو ظاهر في أن مادتها ليست كذلك الا لما اختلفت ومن هنا قيل : إن مادتها الابخرة والادخنة الشبيهة بمواد هذه الاجسام وقيل : انها نار تخرج من فم الملك الموكل بالسحاب اذا اشتد زجره واخرج ابن أبي حاتم وابو الشيخ عن أبي عمران الجوني قال : إن بحورا من نار دون العرش يكون منها الصواعق واذا صح ماروى عن الحبر لايعدل عنه .
وقد أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال من سمع صوت الرعد فقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وهو على كل شيء قدير فان أصابته صاعقة فعلي ديته وأخرج ابن أبي حاتم وغيره عن أبي جعفر قال : الصاعقة تصيب المؤمن والكافر ولا تصيب ذاكرا وفي خبر مرفوع مايؤيده وقد أهلكت أربد كما علمت وقد أشار إلى ذلك اخوه لأمه لبيد العامري بقوله يرثيه : اخشى على أربد الحتوف ولا أرهب نوء السماك والاسد فجعني البرق والصواعق بالفارس يوم الكريهة النجد وفي تلك القصة على ما قال ابن جريج وغيره نزلت الآية وعن مجاهد أن يهوديا ناظر رسول الله صلى الله عليه وسلّم فبينا هو كذلك نزلت صاعقة فأخذت قحف رأسه فنزلت وقيل : إنه E بعث إلى جبار من العرب ليسلم فقال : أخبروني عن إله محمد أمن لؤلؤ هو أم من ذهب أم من نحاس فنزلت عليه صاعقة فأهلكته فنزلت .
و من مفعول يصيب والكلام على مافي البحر من باب الاعمال وقد أعمل فيه الثاني اذ كل من يرسل و يصيب يطلب من ولو اعمل الاول لكان التركيب ويرسل الصواعق فيصيب بها على من يشاء لكن جاء على الكثير في لسان العرب المختار عند البصريين وهو اعمال الثاني ثم انه تعالى بعد ان ذكر علمه النافذ في كل شيء واستواء الظاهر والخفي عنده تعالى وما دل على قدرته الباهرة ووحدانيته قال جل شأنه : وهم أي الذين كفروا وكذبوا الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم وأنكروا آياته يجادلون في الله حيث يكذبون مايصفه الصادق به من كمال العلم والقدرة والتفرد بالالوهية واعادة الناس ومجازاتهم فالمراد بالمجادلة فيه تعالى المجادلة في شأنه سبحانه وماأخبر به عنه جل شأنه وهي من الجدل بفتحتين أشد الخصومة وأصله من الجدل بالسكون وهو فتل الحبل ونحوه لأنه يقوى به ويشد طاقاته .
وقال الراغب : اصل ذلك من جدلت الحبل أي أحكمت فتله كأن المتجادلين يفتل كل واحد منهما الآخر عن رأيه وقيل : الاصل في الجدال الصراع واسقاط الانسان صاحبه على الجدالة وهي الارض الصلبة والى تفسير الآية بما ذكر ذهب الزمخشري قال في الكشف : وفي كلامه إشارة الى أن في الكلام التفاتا لأن قوله تعالى : سواء منكم هو الذي يريكم فيه التفات من الغيبة الى الخطاب وان شئت فتأمل من قوله تعالى : أولئك الذين كفروا بربهم الى قوله سبحانه : الكبير المتعال ثم التفت من الخطاب الى