قال في الكشف : والاشبه في الآية الحمل على الاسناد المجازى ليتلاءم الكلام فان الرعد في المتعارف يقع على الصوت المخصوص وهو الذي يقرن بالذكر مع البرق والسحاب والكلام في اراءة الآيات الدالة على القدرة الباهرة وإيجادها وتسبيح ملك الرعد لايلائم ذلك أما حمل الصوت المخصوص للسامعين على التسبيح والحمد فتشديد الملائمة جدا وإذا حمل على الاسناد حقيقة فالوجه أن يكون اعتراضا دلالة على اعتراف الملك الموكل بالسحاب وسائر الملائكة بكمال قدرته سبحانه جلت قدرته وجحود الانسان ذلك وانت تعلم أن تسبيح الملائكة على ماادعى أنه الاشبه يبقى كالاعتراض في البين والذي اختاره أكثر المحدثين كون الاسناد حقيقيا بناء على أن الرعد اسم للملك الذي يسوق السحاب فقد أخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وآخرون عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقالوا : أخبرنا ما هذا الرعد فقال E : ملك من ملائكة الله تعالى موكل بالسحاب بيديه مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمرهالله تعالى قالوا : فما هذا الصوت الذي نسمع قال E : صوته فقالوا : صدقت والاخبار في ذلك كثيرة واستشكل بأنه لو كان علما للملك لما ساغ تنكيره وقد نكر في البقرة وأجيب بأن له إطلاقين ثانيهما اطلاقه على نفس الصوت والتنكير على هذا الاطلاق وقال ابن عطية : وقيل : إن الرعد ريح تخفق بين السحاب وروى ذلك عن ابن عباس وتعقبه أبو حيان بقوله : وهذا عندي لايصح فان ذلك من نزعات الطبيعيين وغيرهم .
وقال الامام : إن المحققين من الحكماء يذكرون أن هذه الآثار العلوية إنما تتم بقوى روحانية فلكية وللسحاب روح معين من الارواح الفلكية يدبره وكذا القول في الرياح وسائر الآثار العلوية وهو عين ما قلنا : من أن الرعد اسم لملك من الملائكة يسبح الله تعالى فهذا الذي قاله المفسرون بهذه العبارة هو عين ماذكره المحققون من الحكماء فكيف يليق بالعاقل الانكار اه وتعقبه أبو حيان أيضا بأن غرضه جريان مايتخيله الفلاسفة على مناهج الشريعة ولن يكون ذلك أبدا ولقد صدق C تعالى في عدم صحة التطبيق بين ماجاءت به الشريعة وما نسجته عناكب أفكار الفلاسفة نعم إن ذلك ممكن في أقل قليل من ذاك وهذا والمشهور عن الفلاسفة أن الريح تحتقن في داخل السحاب ويستولي البرد على ظاهره فيتجمد السطح الظاهر ثم ان ذلك الريح يمزقه تمزيقا عنيفا فيتولد من ذلك حركة عنيفة وهي موجبة للسخرية وليس البرق والرعد الا ما حصل من الحركة وتسخينها وأما السحاب فهو أبخرة متصاعدة قد بلغت في صعودها إلى الطبقة الباردة من الهواء لكن لما لم يقو البرد تكاثفت بذلك القدر من البرد واجتمعت وتقاطرت ويقال للمتقاطر مطر ورد الأول بأنه خلاف المعقول من وجوه أحدها أنه لو كان الامر كما ذكر لوجب أن يكون كلما حصل البرق حصل الرعد وهو الصوت الحادث من تمزيق السحاب ومعلوم أنه كثيرا مايحدث البرق القوي من غير حدوث الرعد .
ثانيهما أن السخونة الحاصلة بسبب قوة الحركة مقابلة بالطبيعة المائية الموجبة للبرد وعند حصول هذا المعارض القوي كيف تحدث النارية بل يقال : النيران العظيمة تنطفيء بصب الماء عليها والسحاب كله ماء فكيف يمكن أن يحدث فيه شعلة ضعيفة نارية ثالثهما أن من مذهبكم أن النار الصرفة لالون لها البتة فهب أنه حصلت النارية بسبب قوة المحاكة الحاصلة في أجزاء السحاب لكن من أين حدث ذلك اللون الأحمر ورد الثاني بأن الامطار مختلفة فتارة تكون قطراتها كبيرة وتارة تكون صغيرة وتارة تكون متقاربة واخرى تكون متباعدة إلى غير