خلفه وروى هذا عن مجاهد والنخعي وابن جريج فيكون من أمر الله متعلقا بمحذوف وقع صفة لمعقبات أي كائنة من أمره تعالى وقيل : إنه لايحتاج في هذا المعنى إلى دعوى تقديم وتأخير بأن يقال : إنه سبحانه وصف المعقبات بثلاث صفات احداها كونها كائنة من بين يديه ومن خلفه وثانيتها كونها حافظة له وثالثتها كونها كائنة من أمره سبحانه وإن جعل من بين يديه متعلقا بيحفظونه يكون هناك صفتان الجملة والجار والمجرور وتقديم الوصف بالجملة على الوصف به سائغ شائع في الفصيح وكأن الوصف بالجملة الدالة على الديمومة في الحفظ لكونه آكد قدم على الوصف الآخر وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس أن المراد بالمعقبات الحرس الذين يتخذهم الأمراء لحفظهم من القتل ونحوه وروى مثله عن عكرمة ومعنى يحفظونه من أمر الله أنهم يحفظونه من قضاء الله تعالى وقدره ويدفعون عنه ذلك في توهمه لجهله بالله تعالى ويجوز أن يكون من باب الاستعارة التهكمية على حد مااشتهر في قوله تعالى : فبشرهم بعذاب أليم فهو مستعار لضده وحقيقته لايحفظونه وعلى ذلك يخرج قول بعضهم : ان المراد لايحفظونه لا على أن هناك نفيا مقدرا كما يتوهم والأكثرون على أن المراد بالمعقبات الملائكة .
وفي الصحيح يتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر وذكروا أن مع العبد غير الملائكة الكرام الكاتبين ملائكة حفظة فقد أخرج أبو داود وابن المنذر وابن أبي الدنيا وغيرهم عن علي كرم الله تعالى وجهه قال : لكل عبد حفظة يحفظونه لايخر عليه حائط أو يتردى في بئر أو تصيبه دابة حتى إذا جاء القدر الذي قدر له خلت عنه الحفظة فأصابه ماشاء الله تعالى أن يصيبه .
وأخرج ابن أبي الدنيا والطبراني والصابوني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وكل بالمؤمن 1 ثلثمائة وستون ملكا يدفعون عنه ما لم يقدر عليه من ذلك للبصر سبعة أملاك يذبون عنه كما يذب عن قصعة العسل من الذباب في اليوم الصائف ومالو بدا لكم لرأيتموه على كل سهل وجبل كلهم باسط يديه فاغر فاه وما لو وكل العبد فيه إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين .
وأخرج ابن جرير عن كنانة العدوي قال : دخل عثمان رضي الله تعالى عنه على رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : يارسول الله أخبرني عن العبد كم معه من ملك فقال : ملك عن يمينك على حسناتك وهو أمير على الذي على الشمال إذا عملت حسنة كتبت عشرا فاذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين : أأكتب قال : لا لعله يستغفر الله تعالى ويتوب فاذا قال ثلاثا قال : نعم اكتب أراحنا الله تعالى منه فبئس القرين ما أقل مراقبته لله سبحانه وأقل استحياءه منه تعالى يقول الله جل وعلا : ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد وملكان من بين يديك وملكان من خلفك يقول الله تعالى : له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله وملك قابض على ناصيتك فاذا تواضعت لله تعالى رفعك وإذا تجبرت على الله تعالى قصمك وملك قائم على فيك لايدع أن تدخل الحية فيه وملكان على عينك فهؤلاء عشرة أملاك ينزلون على كل بني آدم في النهار وينزل مثلهم في الليل .
والاخبار في هذا الباب كثيرة واستشكل أمر الحفظ بأن المقدر لابد من أن يكون وغير المقدر لايكون