كأن أحدهم يطأ عقب الآخر فالتفعيل للتكثير وهو اما في الفاعل أو في الفعل لا للتعدية لأن ثلاثية متعد بنفسه ويجوز أن يكون اطلاق المعقبات على الملائكة عليهم السلام باعتبار أنهم يعقبون أقوال الشخص وأفعاله أي يتبعونها ويحفظونها بالكتابة وقال الزمخشري : أن اصله معتقبات فهو من باب الافتعال فادغمت التاء في القاف كقوله تعالى : وجاء المعذرون أي المعتذرون وتعقب بأنه وهم فاحش فان التاء لا تدغم في القاف من كلمة أو كلمتين وقد نص الصرفيون على أن القاف والكاف كل منهما لايدغم في الآخر ولا يدغمان في غيرهما والتاء في معقبة للمبالغة كتاء نسابة لأن الملائكة عليهم السلام غير مؤنثين وقيل : هي للتأنيث بمعنى أن معقبة صفة جماعة منهم فمعنى معقبات جماعات كل جماعة منها معقبه وليس معقبة جمع معقب وذكر الطبري أنه جمعه وشبه ذلك برجل ورجال ورجالات وهو كما ترى لكن أوله أبو حيان بأنه أراد بقوله : جمع معقب أنه أطلق من حيث الاستعمال على جمع معقب وان كان أصله أن يطلق على مؤنث معقب فصار مثل الواردة للجماعة الذين يردون وإن كان أصله أن يطلق على مؤنث وارد وتشبيه ذلك بماذكر من حيث المعنى لا من حيث صناعة النحو فبين أن معقبة من حيث اريد به الجمع كرجال من حيث وضع للجمع وان معقبات من حيث استعمل جمعا لمعقبة المستعمل في الجمع كرجالات الذي هو جمع رجال .
وقرأ أبي وإبراهيم معاقيب وهو جمع كما قال الزمخشري جمع معقب أو معقبة بتشديد القاف فيهما والياء عوض من حذف إحدى القافين في التكسير وقال ابن جني : إنه تكسير معقب كمطعم ومطاعيم ومقدم ومقاديم كأنه جمع على معاقبة ثم حذفت الهاء من الجمع وعوضت الياء عنها ولعله الأظهر وقريء معتقبات من اعتقب من بين يديه ومن خلفه متعلق بمحذوف وقع صفة لمعقبات أو حالا من الضمير في الظرف الواقع خبرا له فالمعنى أن المعقبات محيطة بجميع جوانبه أو هو متعلق بمعقبات و من لابتداء الغاية فالمعنى أن المعقبات تحفظ ماقدم وأخر من الأعمال اي تحفظ جميع أعماله وجوز أن يكون متعلقا بقوله تعالى : يحفظونه والجملة صفة معقبات أو حال 1 من الضمير في الظرف .
وقرأ أبي من بين يديه ورقيب من خلفه وابن عباس ورقباء من خلفه وروى مجاهد عنه أنه قرأ له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه من أمر الله متعلق بما عنده و من للسبيبة أي يحفظونه من المضار بسبب أمر الله تعالى لهم بذلك ويؤيد ذلك أن عليا كرم الله تعالى وجهه وابن عباس رضي الله تعالى عنهما وزيد بن علي وجعفر بن محمد وعكرمة رضي الله تعالى عنهم قرؤا بأمر الله بالباء وهي ظاهرة في السببية .
وجوز أن يتعلق بذلك أيضا لكن على معنى يحفظونه من بأسه تعالى متى أذنب بالاستمهال أو الاستغفار له أي يحفظونه باستدعائهم من الله تعالى أن يمهله ويؤخر عقابه ليتوب أو يطلبون من الله تعالى أن يغفر له ولا يعذبه أصلا وقال في البحر : إن معنى الكلام يصير على هذا الوجه إلى التضمين أي يدعون له بالحفظ من نقمات الله تعالى .
وقال الفراء وجماعة : في الكلام تقديم وتأخير أي له معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه ومن