تذكرة فترق قلوب فتخشع وتخضع وتقسو قلوب فتلهو وتسهو ثم قال : والله ما جالس القرآن أحد الاقام من عنده بزيادة أو نقصان قال الله تعالى : وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولايزيد الظالمين الا خسارا أه قال أبو حيان وهو شبيه بكلام الصوفية وإن تعجب أي إن يقع منك عجب يامحمد فعجب قولهم بعد مشاهدة الآيات الدالة على عظيم قدرته تعالى أي فليكن عجبك من قولهم : أءذا كنا ترابا إلى آخره فانه الذي ينبغي أن يتعجب منه ورفع عجب على أنه خبر مقدم و قولهم مبتدأ مؤخر وقدم الخبر للقصر والتسجيل من أول الامر بكون قولهم أمرا عجيبا وفي البحر أنه لابد من تقدير صفة لعجب لأنه لايتمكن المعنى بمطلق فيقدر والله تعالى أعلم فعجب أي عجب أو فعجب غريب وإذا قدرناه موصوفا جاز أن يعرب مبتدأ للمسوغ وهو الوصف ولا يضر كون الخبر معرفة وذلك كما قال سيبويه في كم مالك ان كم مبتدأ لوجود المسوغ فيه وهو الاستفهام وفي نحو اقصد رجلا خير منه أبوه إن خبر مبتدأ للمسوغ أيضا وهو العمل ونقل أبو البقاء القول بأن عجب بمعنى معجب ثم قال : فعلى هذا يجوز أن يرتفع قولهم به .
وتعقب بأنه لايجوز ذلك لأنه لايلزم من كون شيء بمعنى شيء أن يكون حكمه في العمل حكمه فمعجب يعمل و عجب لايعمل ألا ترى أن فعلا كذبح وفعلة كقبض وفعلة كغرفة بمعنى مفعول ولا يعمل عمله فلا تقول مررت برجل ذبح كبشه أو قبض ماله أو غرفة ماؤه بمعنى مذبوح كبشه ومقبوض ماله ومغروف ماؤه وقد نصوا على أن هذه تنوب في الدلالة لا العمل عن المفعول وحصر النحويون مايرفع الفاعل في أشياء ولم يعدوا المصدر اذا كان بمعنى اسم الفاعل منها .
والظاهر أن أئذا كنا الى آخره في محل نصب مقول لقول محكى به والاستفهام إنكاري مفيد لكمال الاستبعاد والاستنكار وجوز أن يكون في محل رفع على البدلية من قولهم على أنه بمعنى المقول وهو على ما قال أبو حيان : اعراب متكلف وعدول عن الظاهر وعليه فالعجب تكلمهم بذلك وعلى الاول كلامهم ذلك والعامل في إذا ما دل عليه قوله تعالى : إنا لفي خلق جديد وهو نبعث إو نعاد والجديد ضد الخلق والبالي ويقال : ثوب جديد أي كما فرغ من عمله وهو فعيل بمعنى مفعول كأنه قطع من نسجه وتقديم الظرف لتقوية الانكار بالبعث بتوجيهه اليه في حالة منافية له وتكرير الهمزة في أئنا لتأكيد الانكار وليس مدار انكارهم كونهم ثابتين في الخلق الجديد بالفعل عند كونهم ترابا بل كونهم بعرضية ذلك واستعدادهم له وفيه من الدلالة على عتوهم وتماديهم في النكير ما لايخفى قال أبو البقاء : ولايجوز أن ينتصب اذا بكنا لأنها مضافة اليها ولا بجديد لأن ما بعد أن لا يعمل فيها قبلها وكذا الاستفهام ورد الاول في المغنى بأن إذا عند من يقول بأن العامل فيها شرطها وهو المشهور غير مضافة كما يقوله الجميع اذا جزمت كما في قوله : .
وإذا تصبك خصاصة فتحمل .
قيل : فالوجه في رد ذلك أن عمله فيها موقوف على تعيين مدلولها وتعيينه ليس إلا بشرطها فيدور ونظر فيه الشهاب بأنها عندهم بمنزلة متى وأيان غير معينة بل مبهمة كما ذكره القائلون به وبه صرح في المغنى أيضا .
وقيل : معنى الآية إن تعجب يا محمد من قولهم في انكار البعث فقولهم عجيب حقيق أن يتعجب منه