بعضها على بعض آخر منها في الأكل لمكان التأنيث وأمال فتحة القاف حمزة والكسائي والأكل بضم الهمزة والكاف وجاء تسكينها مايؤكل وهو هنا الثمر والحب وقول بعضهم : أي في الثمر شكلا وقدرا ورائحة وطعما من باب التغليب وقرأ حمزة والكسائي يفضل بالياء على بناء الفاعل ردا على يدبر و يفصل و يغشى وقرأ يحيى بن يعمر وهو أول من نقط المصحف وأبو حيوة والحلبي عن عبدالوارث بالياء على بناء المفعول ورفع بعضها وفيه مالايخفى من الفخامة والدلالة على أن عدم احتمال استناد الفعل إلى فاعل آخر مغن عن بناء الفعل للفاعل إن في ذلك الذي فصل من أحوال القطع وغيرها لآيات كثيرة عظيمة باهرة لقوم يعقلون .
4 .
- يعملون على قضية عقولهم فان من عقل هاتيك الاحوال العجيبة وخروج الثمار المختلفة في الاشكال والالوان والطعوم والروائح في تلك القطع المتباينة المتلاصقة مع اتخاذ ما تسقى به بل وسائر أسباب نموها لايتلعثم في الجزم بأن لذلك صانعا حكيما قادرا مدبرا لها لا يعجزه شيء وقيل : المراد أن من عقل ذلك لايتوقف في الجزم بأن من قدر على ابداع ماذكر قادر على اعادة ما أبداه بل هي أهون في القياس ولعل ماذكره أولى ثم أن الاحوال وإن كانت هي الآيات أنفسها لا انها فيها إلا أنها قد جردت عنها أمثالها مبالغة في كونه آية ففي تجريدية مثلها في قوله تعالى : لهم فيها دار الخلد على المشهور وجوز أن يكون المشار اليه الاحوال الكلية والايات افرادها الحادثة شيئا فشيئا في الأزمنة وآحادها الواقعة في الأقطار والامكنة المشاهدة لأهلها ففي على معناها ومنهم من فسر الآيات بالدلالات لتبقى في على ذلك وهو كما ترى وحيث كانت دلالة هذه الاحوال على مدلولاتها أظهر مما سبق علق سبحانه كونها آيات بمحض التعقل كما قال أبو حيان وغيره ولذلك على ماقيل لم يتعرض جل شأنه لغير تفضيل بعضها على بعض في الاكل الظاهر لكل عاقل مع تحقق ذلك في الخواص والكيفيات مما يتوقف العثور عليه على نوع تأمل وتفكر كأنه لاحاجة إلى التفكر في ذلك أيضا وفيه تعريض بأن المشركين غير عاقلين ولبعض الرجاز فيما تشير اليه الآية : والارض فيها عبرة للمعتبر تخبر عن صنع مليك مقتدر تسقى بماء واحد اشجارها وبقعة واحدة قرارها والشمس والهواء ليس يختلف وأكلها مختلف لا يأتلف لو أن ذا من عمل الطبائع أو أنه صنعة غير صانع لم يختلف وكان شيئا واحدا هل يشبه الاولاد إلا الوالدا الشمس والهواء يا معاند والماء والتراب شيء واحد فما الذي أوجب ذا التفاضلا الا حكيم لم يرده باطلا وأخرج ابن جرير عن الحسن في هذه الآية أنه قال : هذا مثل ضربه الله تعالى لقلوب بني آدم كانت الارض في يد الرحمن طينة واحدة فسطحها وبطحها فصارت قطعا متجاورة فينزل عليها الماء فتخرج هذه زهرتها وثمرها وشجرها وتخرج نباتها وتخرج هذه سبخها وملحها وخبثها وكلتاهما تسقى بماء واحد فلو كان الماء ملحا قيل إنما استسبخت هذه من قبل الماء كذلك الناس خلقوا من آدم عليه السلام فينزل عليهم من السماء