الحسن انه فسر ذلك بالاهواز وفارس والكوفة والبصرة ومن هنا قيل في الآية اكتفاء على حد سرابيل تقيكم الحر والمراد قطع متجاورات وغير متجاورات وفي بعض المصاحف وقطعا متجاورات بالنصب أي وجعل في الارض قطعا وجنات أي بساتين كثيرة 1 من أعناب أي من أشجار الكرم وزرع من كل نوع من أنواع الحبوب وافراده لمراعاة أصله حيث كان مصدرا ولعل تقديم ذكر الجنات عليه مع كونه عمود المعاش لما أن في صنعة الاعناب مما يبهر العقول ما لايخفى ولو لم يكن فيها الا انها مياه متجمدة في ظروف رقيقة حتى أن منها شفافا لايحجب البصر عن ادراك مافي جوفه لكفى ومن هنا جاء في بعض الاخبار القدسية أتكفرون بي وأنا خالق العنب وفي إرشاد العقل السليم تعليل ذلك بظهور حال الجنات في اختلافها ومباينتها لسائرها ورسوخ ذلك فيها وتأخير قوله تعالى : ونخيل لئلا يقع بينها وبين صفتها وهي قوله تعالى : صنوان وغير صنوان فاصلة أو يطول الفصل بين المتعاطفين وصنوان جمع صنو وهو الفرع الذي يجمعه وآخر اصل واحد وأصله المثل ومنه قيل : للعم صنو وكثر الصاد في الجمع كالمفرد هو اللغة المشهورة وبها قرأ الجمهور ولغة تميم وقيس صنوان بالضم كذئب وذؤبان وبذلك قرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما والسلمي وابن مصرف ونقله الجعبري في شرح الشاطبية عن حفص .
وقرأ الحسن وقتادة بالفتح وهو على ذلك اسم جمع كالسعدان لاجمع تكسير لأنه ليس من أبنتيه وقرأ الحسن جنات بالنصب عطفا عند بعض على زوجين مفعول جعل و من كل الثمرات حينئذ حال مقدمة لاصلة جعل لفساد المعنى عليه أي جعل فيها زوجين حال كونه من كل الثمرات وجنات من أعناب ولا يجب هنا تقييد المعطوف عليه .
وزعم بعضهم أن العطف على رواسي وقال أبو حيان : الأولى اضمار فعل لبعد ما بين المتعاطفين أو بالجر عطفا على كل الثمرات على أن يكون هو مفعولا بزيادة من في الاثبات و زوجين اثنين حالا منه والتقدير وجعل فيها من كل الثمرات حال كونها صنفين فلعل عدم نظم قوله تعالى : وفي الأرض قطع متجاورات في هذا السلك مع أن اختصاص كل من تلك القطع بما لها من الأحوال والصفات بمحض خلق الخالق الحكيم جلت قدرته حين مد الأرض ودحاها على ماقيل الايماء إلى كون تلك الأحوال صفات راسخة لتلك القطع وقرأ جمع من السبعة وزرع ونخيل بالجر على أن العطف على أعناب وهو كما في الكشف من باب متقلدا سيفا ورمحا أو المراد أن في الجنات فرجا مزروعة بين الاشجار والا فلا يقال للمزرعة وحدها جنة وهذا أحسن منظرا وأنزه وادعى أبو حيان أن في جعل الجنة من الاعناب تجوز لأن الجنة في الحقيقة هي الأرض التي فيها الاعناب ويسقى أي ماذكر من القطع والجنات والزرع والنخيل وقرأ أكثر السبعة بالتأنيث مراعاة للفظ وهي قراءة الحسن وأبي جعفر قيل : والاول أوفق بمقام بيان اتحاد الكل في حالة السقي بماء واحد لا اختلاف في طبعه سواء كان السقي من ماء الامطارا ومن ماء الانهار وقيل : إن الثاني أوفق بقوله سبحانه : ونفضل أي مع وجود أسباب التشابه بمحض قدرتنا واحساننا