أولاأولا فكيف في الثمرات وتكون واحد من كل أولا كاف في التكون والوجه ماذكر أولا وجوز أن يتعلق الجار بجعل الاول ويكون الثاني استئنافا لبيان كيفية الجعل .
وزعم بعضهم أن المراد بالزوجين على تقدير تعلق الجار بجعل السابق الشمس والقمر وقيل : الليل والنهار وكلا القولين ليس بشيء يغشي الليل والنهار أي يلبسه مكانه فيصير الجو مظلما بعد ما كان مضيئا ففيه اسناد ما لمكان الشيء اليه وفي جعل الجو مكانا للنهار تجوز لأن الزمان لا مكان له والمكان إنما هو للضوء الذي هو لازمه وجوز في الآية استعارة كقوله تعالى : يكور الليل على النهار يجعله مغشيا للنهار ملفوفا عليه كاللباس على الملبوس قيل : والاول أوجه وأبلغ واكتفى بذكر تغشية الليل النهار مع تحقق عكسه للعلم به منه مع أن اللفظ يحتملها إلا أن التغشية بمعنى الستر وهي أنسب بالليل من النهار وعد هذا في تضاعيف الآيات السفلية وان كان تعلقه بالآيات العلوية ظاهرا باعتبار ظهوره في الأرض .
وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر يغشى بالتشديد وقد تقدم تمام الكلام في ذلك إن في ذلك أي فيما ذكر من مد الارض وجعل الرواسي عليها وإجراء الانهار فيها وخلق الثمرات واغشاء الليل النهار وفي الاشارة بذلك تنبيه على عظم المشار اليه في بابه لآيت باهرة قيل : هي آثار الافاعيل البديعة جلت حكمة صانعها ففي على معناها فان تلك الآثار مستقرة في تلك الافاعيل منوطة بها وجوز أن يشار بذلك إلى تلك الآثار المدلول عليها بتلك الافاعيل لقوم يتفكرون .
3 .
- فان التفكر فيها يؤدي إلى الحكم بأن يكون كل من ذلك على هذا النمط الرائق والاسلوب اللائق لابد له من مكون قادر حكيم يفعل مايشاء ويحكم مايريد والفكرة كما قال الراغب قوة مطرقة للعلم إلى المعلوم والتفكر جولان تلك القوة بحسب نظر العقل وذلك للأنسان دون الحيوان ولا يقال : إلا فيما لايمكن أن يحصل له صورة في القلب ولهذا روى تفكروا في آلاء الله تعالى ولا تتفكروا في الله تعالى إذ كان الله سبحانه منزها أن يوصف بصورة .
وقال بعض الادباء : الفكر مقلوب عن الفرك لكن يستعمل الفكر في المعاني وهو فرك الامور وبحثها طلبا للوصول إلى حقيقتها والمشهور أنه ترتيب أمور معلومة للتأدي إلى مجهول وقد تقدم وجه جعل هذا مقطعا في الآية وذكر الامام أن الأكثر في الآيات إذا ذكر فيها الدلائل الموجودة في العالم السفلي أن يجعل مقطعها إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون وما يقرب منه وسببه أن الفلاسفة يسندون حوادث العالم السفلي إلى الاختلافات الواقعة في الاشكالات الكوكبية فرده الله تعالى بقوله : لقوم يتفكرون لأن من تفكر فيها علم أنه لايجوز أن يكون حدوث تلك الحوادث من الاتصالات الفلكية فتفكر .
وفي الأرض قطع جملة مستأنفة مشتملة على طائفة أخرى من الآيات أي في الأرض بقاع كثيرة مختلفة في الاوصاف فمن طيبة منبتة ومن سبخة لاتنبت ومن رخوة ومن صلبة ومن صالحة للزرع لا للشجر ومن صالحة لا للزرع الى غير ذلك متجاورات أي متلاصقة والمقصود الاخبار بتفاوت أجزاء الارض المتلاصقة على الوجه الذي علمت وهذا هو المأثور عن الاكثرين وأخرج أبو الشيخ عن قتادة أن المعنى وفي الارض قرى قريب بعضها من بعض واخرج عن